فعليتها بدلالة أخبار البراءة من مثل « كل شيء لك حلال حتى تعرف انّه حرام » (١) وغيره مقيدة بها ، وكما في صدر الاسلام في الغالب ، لعدم استعداد الأنام للتكليف عليهم فعلا.
وفي العرفيات كما في انشاء الملكية في الوقف للبطون ، فانّه : بالنسبة الى الموجودين ايجاد ملكية حقيقية ، وبالنسبة الى المعدومين ليس إلاّ مجرد انشاء بلا استتباع حقيقة إلاّ حال وجودهم وبعده تصير الملكية لهم بنفس ذلك الانشاء بلا حاجة الى مئونة اخرى ، بناء على ما هو التحقيق من كون البطون اللاحقة متلقية للملك عن نفس الواقف.
فالحاصل : انّ الطلب من حيث كونه نسبة بين الطالب والمكلف ومتقوما بهما لا يمكن أن يصير فعليا حال عدم المكلف.
وامّا انشاؤه ، بمعنى : مجرد بناء قانون لمن يمكن أن يبلغ حدّ التكليف الفعلي ، فلا مانع منه ، وهو وان كان أيضا من الامور القائمة بالطرفين المحتاجة الى المصلحة ، إلاّ أنه يكفي فيه مجرد لحاظه حال صيرورة المطلوب منه في ما بعد الفعلية ، مع كون الصادر منه حينه ذا مصلحة مقتضية لانشاء حكم على طبقها كي يصير فعليا بعد اجتماع الشرائط.
هذا كله في انشاء الحكم المطلق بلا تقييده بشيء.
وامّا انشاؤه مشروطا بوجود المكلف مجتمعا للشرائط فأوضح من أن يخفى.
ولكن الظاهر من الاحكام المستفادة من الخطابات الشرعية ـ بناء على
__________________
(١) لا يوجد في المصادر بهذا التعبير ، والموجود في من لا يحضره الفقيه وغيره هو : « كل شيء يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه ». الفقيه ٣ : ٢١٦ باب الصيد والذبائح الحديث ٩٢.