امّا الكلام في
الجهة الاولى : فالظاهر انّه لا اشكال في اعتباره ، للتبادر عند اسناد الامر الى
من هو يعلم حاله من العلو وعدمه وهو قرينة على اعتباره في مفهومه ، وصحة السلب عن
طلب الداني [ من ] العالي فلا يقال انّه : « أمره بكذا » بل يقال لطلبه عنه
أنه : « دعاء منه » ولطلب المساوي انّه : « التماس » لا أمر.
وامّا الجهة
الثانية : فالظاهر انّ الاستعلاء لا يقوم مقام العلو الحقيقي في الكفاية عنه ،
ولذا يصح السلب عن غير طلب العالي وان استعلى فلا يقال انه : « امر حقيقة » في
الكلمة أو ادّعاء بعد تنزيل غير العالم منزلته.
وامّا توهم : انّ
استهجان العقلاء لامر الداني في مقام استعلائه على العالي بقولهم : « أتأمر الامير
» يدل على كفاية الاستعلاء ولو لم يكن علو حقيقة ، حيث انّهم يطلقونه عليه بعده
بلا عناية وتجوز فيه.
مدفوع : بأنّ
الاستهجان لعله باعتبار الاستعلاء ، أو تنزيل نفسه منزلة العالي وتخيل العلو في
حقه ، لا باعتبار كون طلبه أمرا حقيقة ، وإلاّ فلا معنى لاستهجانه على امره بعد
كونه أعم وضعا كما لا يخفى ، لعدم القبح في طلبه وانما هو في أحد الامرين من
الاستعلاء أو التنزيل.
ثم اطلاق الامر
على طلبه يحتمل أن يكون لاستعلائه فيدل على كفايته فيه ، ويحتمل أيضا أن يكون
حقيقة باعتبار العلو ولكن لا واقعا بل باعتبار الداني بتخيل العلو في حقه
باستعلائه ، أو مجازا بعلاقة مشابهة القاء الداني ـ طلبه باستعلائه ـ بالقاء
العالي ؛ فمع هذه الاحتمالات لا دلالة له على كفاية الاستعلاء فيه كما لا يخفى ،
هذا.
__________________