التخيير الظاهري الثابت بين الخبرين وإنّما مراده الإباحة التي هي عبارة عن التخيير الواقعي فكأنّه عليهالسلام يريد أن يقول : يباح لك التكبير أخذا بالخبر الأوّل وعدم التكبير أخذا بالخبر الثاني وبأيّهما أخذت كان صوابا حيث انّ الإباحة تلتئم مع الأخذ بكل واحد من الحديثين. هذا كلّه على الاحتمال الثاني.
وإن أخذنا بالاحتمال الأوّل وقلنا بأنّ جملة « وكذلك التشهّد الأوّل ... » جزء من الحديث الثاني (١) فالتعارض بين الحديثين ثابت ، حيث انّ الأوّل يثبت التكبير في الانتقال من كل حالة بما في ذلك الانتقال إلى القيام بعد التشهّد بينما الثاني ينفي ذلك ، وما دام التعارض متحقّقا فحكم الإمام المنتظر عليهالسلام بالتخيير وجيه من هذه الناحية ولكن لو نظرنا إلى الحديثين المنقولين عن الإمام الصادق عليهالسلام وجدنا انّ التعارض وإن كان متحقّقا بينهما بيد انّه تعارض غير مستقر أي يوجد جمع عرفي بينهما ـ فإنّ الحديث الثاني أخصّ من الحديث الأوّل ، حيث إنّ الأوّل يثبت التكبير في الانتقال من كل حالة بينما الثاني ينفي التكبير في حالة معينة وهي حالة الانتقال من السجدة أو التشهّد إلى القيام فيجمع عرفا بينهما بتخصيص الأوّل بالثاني ويكون الثاني مقدّما من جهة التخصيص ، بل وهناك جهة اخرى لتقديمه وهي الحكومة ، فالحديث الثاني حاكم وناظر إلى
__________________
(١) ويشهد لهذا الاحتمال انّ الحميري ما دام قد سأل عن القيام بعد التشهّد فلا بدّ وأن يكون كلا الحديثين الذين ينقلهما الإمام الحجّة عليهالسلام يرتبطان بذلك ولا معنى لأن يرتبط خصوص الحديث الأوّل بذلك دون الثاني ، بل انّ قول الإمام عليهالسلام انّ في ذلك ـ أي في القيام بعد التشهّد الذي هو المورد ـ حديثين يدل على أن كلا الحديثين يرتبط بذلك لا خصوص الأوّل وإلاّ لما صدق انّ في ذلك حديثين.