انّ من هجر أخبار الترجيح وحملها على استحباب إعمال المرجّحات وأخذ بإخبار التخيير ـ كالآخوند (١) ـ وقع الخلاف بينهم في أنّ التخيير هل هو منسوب إلى الحجّية بحيث يكون التخيير تخييرا في حجّية أحد الخبرين أو هو منسوب إلى العمل بحيث يكون المكلّف مخيّرا في العمل بأحد الخبرين.
فإن كان التخيير منسوبا إلى الحجّية فحيث انّ الحجّية حكم اصولي فيكون التخيير تخييرا في المسألة الاصولية ، وأمّا إذا كان التخيير منسوبا إلى العمل فهو حكم فرعي فقهي ، إذ يكون حاله حال التخيير بين شرب الماء وتركه فكما انّ هذا تخيير في مقام العمل وهو حكم فقهي كذلك التخيير في العمل بهذا الخبر أو ذاك يكون حكما فقهيا.
وقد تسأل عن الفارق العملي بين التخييرين.
والجواب : انّ التخيير في الحجّية يمكن أن يقال باختصاصه بالمجتهد ولا يعمّ العامي ، لأنّ الحجّية حكم اصولي فإذا قيل باختصاص الأحكام الاصولية بالمجتهد وعدم عموميّتها للعامي لزم كون التخيير بالالتزام بأحد الخبرين مختصا بالمجتهد فإذا فرضنا انّ أحد الخبرين يدلّ على وجوب الجمعة والآخر على حرمتها واختار المجتهد الخبر الأوّل الدالّ على الوجوب فسوف يفتي مقلّديه
__________________
(١) وأمّا السيد الشهيد فهو لم يقل بالتخيير بل قال بلزوم إعمال المرجّحات ـ أي موافقة الكتاب ومخالفة العامة ـ عند وجودها وإلاّ فيتمسّك بالقاعدة وهي التساقط ، وأمّا التخيير فلا ينتهى إليه.