قوله ص ٢٨٧ س ١ : تقدم في الحلقة السابقة إلخ : ومن جملة أقسام الاستصحاب التي وقع الإشكال فيها استصحاب عدم النسخ. وقبل أن نوضح الإشكال لا بدّ من استذكار ما قرآناه في الحلقة الثانية ص ٢٩٩ عن النسخ.
إنّ كل حكم يحتوي على مرحلتين : مرحلة المصلحة والارادة ، ومرحلة الإعتبار والجعل. والنسخ تارة ينظر إليه مرتبطا بالمصلحة واخرى ينظر له مرتبطا بالجعل.
والمراد من النسخ المرتبط بالمصلحة أن يعتقد الإنسان وجود مصلحة في شيء معين ثم يتبين له بعد ذلك انتفاء المصلحة ، كما لو قرر شخص تأسيس مشروع معين لاعتقاده وجود المصلحة في ذلك وشرع فيه ثم تجلى في الاثناء عدم وجود المصلحة فيحصل له التراجع. إن تكشّف انتفاء المصلحة هو نسخ يرتبط بالمصلحة ، وهو مستحيل في حق الله سبحانه لأن لازمه الجهل فلا يمكن أن يعتقد سبحانه وجود المصلحة في حكم ويشرعه ثم ينكشف له عدم وجودها.
أجل يمكن أن يفترض أنّ الله سبحانه يعلم منذ البداية بأنّ المصلحة ثابتة في الحكم إلى أمد معين فإذا انتهى الأمد انتهت المصلحة وكان ذلك نسخا لها إلاّ أنّه نسخ لها بنحو المجاز. إذن النسخ المرتبط بالمصلحة بمعناه الحقيقي مستحيل في حق الله سبحانه وبمعناه المجازي ممكن.