الصدور من جهة مزيد الاهتمام بهما ولا يعمّ الخبرين مظنوني الصدور بل الحكم فيهما هو التساقط لعدم مزيد الاهتمام بهما.
وبالجملة انّ محل كلامنا هو في مطلق الخبرين المتعارضين بما في ذلك المظنونان ولا يختص بالمقطوعين بل انّ صورة الظنّ بالصدور هي الصورة المهمّة والشايعة عادة.
والرواية الثالثة مرسلة الحسن بن الجهم عن الإمام الرضا عليهالسلام : « قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ قال : فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيّهما أخذت » (١).
وهذه الرواية أحسن حالا من الرواية السابقة لعدم ورود أي واحد من الإشكالات الثلاثة السابقة عليها ، فإنّ الواقعة لم يفرض كونها واقعة جزئية معيّنة حتى يكون ظاهر السؤال والجواب النظر إلى حكمها الواقعي ، وبذلك لا يرد الإشكال الأوّل ، كما وانّه لم يفترض حكومة أحد الحديثين على الآخر حتى لا يحتمل ثبوت التخيير بينهما ، وبهذا لا يرد الإشكال الثاني ، كما وانّه لم يفترض انّ الحديثين قطعيان فلا يرد الإشكال الثالث.
إذن هذه الرواية أحسن الروايات دلالة على التخيير المطلوب ، وهو التخيير في الأخذ بأحد الخبرين إلاّ أنّها مع الأسف ضعيفة بالإرسال ، فإنّ
__________________
(١) الوسائل : كتاب القضاء باب ٩ من أبواب صفات القاضي حديث ٤٠.