الأوّل ، نظير ما لو قيل أكرم كل عالم ثمّ قيل انّ الحكم بإكرام كل عالم لا يشمل العالم الفاسق فكما انّ هذا يتقدّم بالحكومة والنظر إلى دليل أكرم كل عالم كذاك حديث « انّ الانتقال من السجدة أو التشهّد ليس فيه تكبير » حاكم وناظر إلى دليل « التكبير ثابت في الانتقال من كل حالة لاخرى » ـ ونحن لا نحتمل انّ الإمام عليهالسلام يحكم بالتخيير في موارد الجمع العرفي ، وكيف يحتمل أن يقال أنت مخيّر في العمل بالحاكم أو بالمحكوم بل لا إشكال في لزوم العمل بالحاكم وتقديمه على المحكوم ولا يحتمل التخيير بينهما.
إذن حكم الإمام المنتظر عليهالسلام بالتخيير مع انّ أحدهما حاكم والآخر محكوم دليل واضح على أنّ التخيير لا يراد به التخيير الظاهري الثابت بين الخبرين بل التخيير الواقعي بمعنى الإباحة فكأنّه عليهالسلام يريد أن يقول : يباح لك التكبير أخذا بالحديث الأوّل وعدمه أخذا بالحديث الثاني وبأيّهما أخذت كان صوابا.
ج ـ لو سلّمنا دلالة الرواية على انّ المراد من التخيير في كلام الإمام المنتظر عليهالسلام هو التخيير بين الخبرين لا بمعنى الإباحة فنقول انّ الخبرين اللذين نقلهما عن جدّه الإمام الصادق ( صلوات الله عليهم أجمعين ) هما مقطوعا الصدور (١) ـ وإلاّ فلا يحتمل أن يكون الخبر الذي ينقله بنفسه عليهالسلام مظنونا بالنسبة إليه بل انّ التعبير بالحديثين يدل على انّ نسبتهما إلى الإمام الصادق عليهالسلام قطعية ـ ويحتمل انّ التخيير الذي حكم به عليهالسلام يختص بخصوص الخبرين مقطوعي
__________________
(١) لا يقال كيف يكونان مقطوعي الصدور مع انّهما متعارضان.
فإنّه يقال : لا محذور في ذلك ما دامت دلالتهما ظنية وعلى مستوى الظهور لا قطعية.