الدلالة ظنّي السند.
والنكتة في عدم الاشارة لهاتين الصورتين هي نفس النكتة السابقة ، فإنه مع القطع بصدور ودلالة الخبر الأول لا يمكن التعبّد بدلالة أو صدور الخبر الثاني وإلاّ يلزم التعبّد بثبوت المتنافيين.
انّ التعارض المستقر له مصداقان : التباين ، مثل تحرم الجمعة وتجب الجمعة ، والعموم من وجه ، مثل أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق (١). وما ذكرناه سابقا من مقتضى القاعدة الأوليّة ـ وهو انّ أحدهما لو كان أقوى من حيث ملاك الحجّية فهو الحجّة وإلاّ كان كل منهما حجّة بنحو مشروط ـ لا يختص بالمتباينين بل يعم ما اذا كانت النسبة بينهما العموم من وجه أيضا.
أجل هناك فارق واحد بينهما ، وهو انّه في مورد التباين يتعارض الظهوران وبسبب تعارضهما يتعارض السندان أيضا ويتساقطان ، فشمول دليل السند ـ وهو مفهوم آية النبأ مثلا ـ لذاك السند معارض بشموله لهذا السند. وأمّا في صورة العموم من وجه فالتعارض بين الظهورين لا يسري إلى السندين بنحو يتساقطان تماما بل يبقيان على حجّية السند بلحاظ مادتي الافتراق وانّما يسقطان بلحاظ خصوص مادّة الاجتماع التي هي مادّة المعارضة بين الظهورين.
ان قلت : كيف يتعارض الظهوران ولا يتساقط السندان!! انّ هذا غير
__________________
(١) وأطلق في الكتاب على التباين بالتعارض المستوعب ـ حيث لا يوجد فيه مورد لا يتعارضان بلحاظه ـ وعلى العموم من وجه بالتعارض غير المستوعب.