أحد المصطلحين بدل الآخر عند المتأخّرين ، ولكنّه يحدّد بالقرائن اللفظية والسياق ، وهذا أمره هيّن.
ولأجل ذلك ، لا يسوغ لنا أن نعتبر تضعيف ابن الغضائري لعيسى بن المستفاد ، إذ لعلّه لأحد الأمور التي ذكرناها ، ويشهد له أنّ ابن المستفاد كان ضريرا ، ممّا يعسر عليه غالبا ضبط مدوّناته الّتي منها كتاب الوصيّة ، فمن الممكن أن يكون تضعيف ابن الغضائري لهذه العلّة ، أو لأنّ في كتاب الوصيّة من المقامات للرسول صلىاللهعليهوآله ولأمير المؤمنين والزهراء والأئمة عليهمالسلام ما لا يرتضيه ابن الغضائريّ ، أو لغير ذلك من موجبات تضعيفاتهم الّتي لا يمكن الاعتماد عليها ؛ لما مرّ توضيحه في الجملة.
وقد صرّح الرجاليّون ـ بعد البحث والتمحيص ـ بحقيقة ما قلناه من تردّدهم وعدم اعتدادهم بتضعيفات القميّين وابن الغضائريّ ، وإليك بعض تصريحاتهم بذلك :
قال أبو علي الحائري : « لا يخفى أنّ كثيرا من القدماء ـ سيّما القميّين وابن الغضائري ـ كانت لهم اعتقادات خاصّة في الائمة عليهمالسلام بحسب اجتهادهم لا يجوز التعدّي عنها ، ويسمّون التعدّي عنها غلوّا وارتفاعا ، حتّى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عن النبي صلىاللهعليهوآله غلوّا ، بل ربّما جعلوا التفويض المختلف فيه إليهم ، أو نقل خوارق العادات عنهم ، أو الإغراق في جلالتهم ، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ، ارتفاعا أو مورثا للتهمة (١) ».
وقال أيضا : « وبالجملة ، الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصوليّة ، فربّما كان الشيء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوّا ، وعند آخرين عدمه ، بل ممّا يجب الاعتقاد به ، فينبغي التأمّل في جرحهم بأمثال هذه الأمور المذكورة (٢) ».
وقال الغرويّ في « الفصول » في معرض تعداد ألفاظ الذمّ : « ومنها قولهم :
__________________
(١) منتهى المقال ( ج ١ ؛ ٧٧ )
(٢) منتهى المقال ( ج ١ ؛ ٧٧ )