وسيأتي ما يتعلّق بالمطلب عند ما سنذكره من حديث الرايات الخمس ـ أو الأربع ـ في الطّرفة الثانية والثلاثين ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « ابيضّت وجوه واسودّت وجوه ، وسعد أقوام وشقي آخرون ».
مرّ ما يتعلّق ببيعات الضلالة في الطّرفة السادسة ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « البيعة بعدي لغيره ضلالة وفلتة وزلة » ، وعند قوله صلىاللهعليهوآله : « بيعة الأوّل ضلالة ثمّ الثاني ثمّ الثالث » ، وبقي هنا أن نبيّن موقف عليّ عليهالسلام وأهل البيت عليهمالسلام من الشورى ، وكيف أنّها كانت مؤامرة ضد عليّ وأهل البيت عليهمالسلام.
وأجلى نصّ في ذلك هو ما ثبت عن عليّ عليهالسلام في خطبته الشقشقيّة الرائعة الّتي صحّت روايتها في كتب أعاظم الفريقين ، وإليك نصّها من نهج البلاغة ( ج ١ ؛ ٣٠ ) حيث يقول عليهالسلام : أما والله لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ... فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتّى مضى الأوّل لسبيله ، فأدلى بها إلى عمر بعده ... فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ؛ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها ... فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة ، حتّى إذا مضى لسبيله ، جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر ... فصغى رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن ، إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ....
ورواها سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواص (١٢٤) بلفظ « حتّى إذا مضى لسبيله جعلها شورى بين ستّة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله والشورى! فيم وبم ولم يعرض عنّي؟! » ... وللاطلاع على هذه الخطبة والوقوف على ألفاظها يراجع كتاب « نهج البلاغة مصادره وأسانيده » للسيّد المرحوم عبد الزهراء الحسيني الخطيب ، وهو مطبوع في أربع مجلدات.
والّذي صغى في الشورى لضغنه وحقده هو سعد بن أبي وقاص ؛ لأنّ عليّا عليهالسلام