أنّ هذه الفترة تنقسم إلى قسمين :
القسم الأوّل : ينحصر بين تاريخي ١٤٨ ـ ١٧٠ ه ، أي بقيّة حكم المنصور الدوانيقي المتوفّى سنة ١٥٨ ه ، وتمام حكم المهدي العبّاسي المتوفّى سنة ١٦٩ ه ، وتمام حكم موسى الهادي العباسي ، المتوفّى سنة ١٧٠ ه.
وقد كان الإمام في هذه الفترات تحت ضغط السلطة العباسيّة وعيونها ، وفي خضمّ المضايقات والتشديدات السلطويّة ، لكنّه في هذه الفترة لم يستجلب من المدينة المنوّرة إلى بغداد إلاّ في حكم المهدي العباسي ، الّذي جاء بالإمام إلى بغداد وحبسه ، ثمّ أطلقه لرؤيا رآها ، فرجع الإمام عليهالسلام إلى مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
وأمّا القسم الثاني من حياته : فهو ما بين تاريخي ١٧٠ ـ ١٨٣ ه ، وهي الفترة القاسية المؤلمة الّتي عاناها الإمام في حكومة هارون الرشيد ، وقضى شطرا كبيرا منها بين المعتقلات والسجون.
فقد نصّ الخوارزمي في مناقبه (٢) والعلاّمة الطبرسي في تاج المواليد (٣) وغيرهما ، على أنّ الإمام قضى عشر سنين في سجون الرشيد ، فمن سجن عيسى بن جعفر ابن المنصور العباسي في البصرة ، إلى سجون بغداد ، الّتي أوّلها سجن الفضل بن الربيع ، ثمّ سجن الفضل بن يحيى الذي وسّع نوعا ما على الإمام ، ومن بعدها سجن السنديّ ابن شاهك الّذي سمّ الإمام عليهالسلام بأمر من هارون الرشيد.
ونحن لا ندري بالضبط متى سمع عيسى من الإمام الكاظم عليهالسلام أحاديث الوصيّة؟ أفي القسم الأوّل ، الذي يبتدئ بسنة ١٤٨ ه وينتهي بسنة ١٧٠ ه ، أم في القسم الثاني ، الذي يبتدئ بسنة ١٧٠ ه وينتهي بسنة ١٨٣ ه؟ وهل أنّ عيسى تلقّى أحاديثه في المدينة المنورة ؛ ربّما عند ذهابه إلى الحج ، وربما استقرّ هناك فاستمع إليها ،
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ( ج ١٣ ؛ ٢٧ ) وتذكرة الخواص (٣٤٩)
(٢) انظر مناقب الخوارزمي (٣٥٠)
(٣) انظر تاج المواليد المطبوع ضمن مجموعة نفيسة (١٢٢)