أخرج مالك عن عروة بن الزبير انّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب ، فقالت : إنّ ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولّدة فحملت منه ، فخرج عمر يجرّ رداءه فزعا ، فقال : هذه المتعة لو كنت تقدمت فيه لرجمته. (١)
إلى غير ذلك من الروايات والآثار التي ورد فيها الاستمتاع بصورها المختلفة وأريد به نكاح المتعة والعقد على امرأة بأجل مسمّى وأجرة مسمّاة.
٢. انّ المراد من الاستمتاع في الآية هو العقد لا الاستمتاع بمعنى الانتفاع والتلذذ ، بشهادة ترتب دفع الأجرة على الاستمتاع ترتّب الجزاء على الشرط ويقول ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ) فلو أريد من الاستمتاع هو العقد لصحّ الترتب ، لأنّ المهر كلّه يجب بمجرد العقد غاية الأمر يسقط النصف بالطلاق قبل الدخول في العقد الدائم وبانقضاء المدة قبله في المؤقت.
وأمّا لو أريد من الاستمتاع هو التلذذ والانتفاع فلا يصحّ الترتب ، لأنّ الأجرة تلزم على الزوج قبل الاستمتاع ، فالزوج يكون مكلّفا بدفع المهر كلّه. سواء أكان هناك تلذذ أو لا ، كلّ ذلك يؤيد على أنّ المراد من الاستمتاع هو العقد.
قال الطبرسي : إنّ لفظ الاستمتاع ، والتمتع وإن كان في الأصل واقعا على الانتفاع والالتذاذ ، فقد صار بعرف الشرع مخصوصا بهذا العقد المعيّن ، لا سيما إذا أضيف إلى النساء. فعلى هذا يكون معناه فمتى عقّدتم عليهن هذا العقد المسمّى متعة فآتوهن أجورهن.
ويدلّ على ذلك انّ الله علّق وجوب عطاء المهر بالاستمتاع وذلك يقتضي أن يكون معناه ، هذا العقد المخصوص دون الجماع والاستلذاذ ، لأنّ المهر لا يجب إلاّ بالعقد. (٢)
__________________
١. الموطأ : ٢ / ٣٠ ، سنن البيهقي : ٧ / ٢٠٦.
٢. مجمع البيان : ٢ / ٣٢ ، ط صيدا.