الذي يؤخذ من الحديث ، وأمّا التأوّل بالمرض أو العذر أو غيره فإنّه تكلّف لا دليل عليه ، وفي الأخذ بهذا رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرهم أعمالهم أو ظروف قاهرة إلى الجمع بين الصلاتين ويتأثّمون من ذلك ويتحرّجون وفي هذا ترفيه لهم وإعانة على الطاعة ما لم يتّخذه عادة كما قال ابن سيرين. (١)
وما ذكره هو الحقّ ولكنّه تضييق أيضا لما وسّعه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فحصر الجمع بمن له حاجة مع أنّ النبي بإذن من الله وسّع على وجه الإطلاق سواء أكانت هناك علة أو لا.
نعم لا شكّ انّ التوقيت أفضل ومن أتى بكلّ صلاة في وقتها ( وقت الفضيلة ) أفضل من إتيانها في الوقت المشترك ، ومع ذلك فمجال الإتيان في الشريعة أوسع.
لما كان تعيين العذر المسوّغ للجمع ، أمرا مشكلا سلك بعضهم مسلك الإبهام والإجمال وانّ الجمع كان لأحد الأعذار المسوّغة ، من دون تعيين.
وممّن عرّج على هذا الاحتمال مفتي السعودية السابق عبد العزيز بن باز في تعليقة مختصرة له على « فتح الباري بشرح صحيح البخاري » فهو لمّا ضعّف مختار ابن حجر في تفسير الجمع ( الجمع الصوري ) بقوله هذا الجمع ضعيف ، قال :
الصواب حمل الحديث المذكور على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع بين الصلوات المذكورة لمشقّة عارضة ذلك اليوم من مرض غالب أو برد شديد أو وحل ونحو ذلك ، ويدلّ على ذلك قول ابن عباس ، لمّا سئل عن علّة هذا الجمع ، قال : لئلاّ يحرج أمّته
__________________
١. سنن الترمذي : ١ / ٣٥٨ ، قسم التعليقة بقلم أحمد محمد شاكر.