هنا سؤال هو انّ علي بن أبي طالب وأبا موسى علّقا إحرامهما بإحرام النبي ، فأمر عليّا بالدوام على إحرامه ، وأمر أبا موسى بجعله عمرة فما هو الفارق بين الإحرامين؟
أقول : قد أجاب عنه النووي في شرحه وقال : إنّ عليّا كان معه هدي كما كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الهدي فبقي على إحرامه كما بقي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكلّ من معه هدي ، وأبو موسى لم يكن معه هدي فتحلّل بعمرة كمن لم يكن معه هدي ولو لا الهدي مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لجعلها عمرة. (١)
الثالث : انّ في حظر متعة الحجّ لعبرة لمن سبر التأريخ ، وحاول الوقوف على الوقائع التي جرت فيه ، فهذا هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حجّ ومعه آلاف من أصحابه ومن تبعه من الأعراب حيث أمر فيه بإدخال العمرة في الحجّ والإحلال بينهما وقد شهد به الكبير والصغير والداني والنائي ، وبالرغم من ذلك فقد غلب منطق القوة على قوة المنطق عقب رحيله حتى صار التمتع بالعمرة إلى الحجّ من المحرمات التي يعاقب عليها مرتكبها أشدّ العقوبة ، مع أنّ هذه المسألة لم تكن مصدر تهديد للسلطات الحاكمة.
فإذا كان هذا هو حالها فما ظنك بالمسائل السياسية التي تهدّد المنافع الشخصية للبعض ، فلا غرو في أن يقف أصحاب الآراء والأهواء بوجه الحقّ الذي أمر به النبي.
وبذلك يسهل على القارئ الكريم الوقوف على مغزى مخالفة بعض الصحابة للحقّ المشروع لعلي عليهالسلام في الخلافة.
__________________
١. شرح صحيح مسلم : ٨ / ٤٥٠.