بقي هنا سؤال وهو انّه قد اشتهر أنّ المالكية لا تقول بالقبض وانّ إمامهم مالكا كرهه ، وقال في المدونة : كره مالك وضع اليد اليمنى على اليسرى في الفريضة وقال : لا أعرفه في الفريضة ، مع أنّه روى في « الموطأ » حديث القبض حيث روى عن سهل بن سعد ، كما روى مرسل عبد الكريم ابن أبي المخارق البصري أنّه قال : من كلام النبوة : إذا لم تستح فافعل ما شئت ، ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة يضع اليمنى على اليسرى ، وتعجيل الفطر ، والاستيفاء بالسحور. (١)
قلت : إنّ كتاب الموطأ ، كتاب رواية ، والإمام ربما ينقل ولا يفتي على وفقه ، فلذلك ترى في « المدونة » فتاوى تخالف ما رواه في « الموطأ » ومن كان ملمّا بفقهه ، يرى أنّ بين ما دوّن من فتاواه وما رواه في « الموطأ » ، اختلافا في موارد كثيرة.
قد أشار الدكتور عبد الحميد في رسالة السدل إلى مواردها. (٢)
وعلى كلّ تقدير فقوله : « لا أعرفه في الفريضة » دليل صريح في أنّ عمل أهل المدينة على خلافه ، إذ قوله : « لا أعرفه » ، معناه لا أعرفه من عمل الأئمة الذين هم التابعون الذين تلقّوا العلم عن الصحابة.
هذا هو الحديث الذي قام ببيان كيفية صلاة النبي وقد روي عن طريق أهل السنّة ، وقد عرفت وجه الدلالة ، وإليك ما رواه الشيعة الإمامية.
روى حمّاد بن عيسى ، عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة » قال
__________________
١. الموطأ : ١ / ١٥٨ ، باب وضع اليدين إحداهما على الأُخرى في الصلاة ، الحديث ٤٦ ، ٤٧.
٢. رسالة مختصرة في السدل : ٦ ـ ٧.