بل لعل الذي يظهر من السير والتواريخ أن كثيرا من الصحابة في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده وأصحاب الجمل وصفين بل وكافة أهل الشام وأكثر أهل المدينة ومكة كانوا في أشد العداوة لأمير المؤمنين وذريته عليهمالسلام ، مع أن مخالطتهم ومساورتهم لم تكن منكرة عند الشيعة أصلا ولو سرا ، وكذلك الحال في بني أمية وأتباعهم وبني العباس وأتباعهم ، ولعل ذلك لعدم دخولهم تحت النواصب لعدم تدينهم وان تظاهروا به ، وبه افترقوا عن الخوارج.
ومن هنا كان الاقتصار في تفسير الناصب على ما سمعته من القاموس متجها ، لكن قد يقوى في النفس تعميم الناصب للعدو لأهل البيت عليهمالسلام وان لم يكن متدينا به ، لتحقق المعنى فيه ، ولظهوره من الأخبار السابقة ، بل في جامع المقاصد وظاهر مجمع البحرين تعميمه لناصب العداوة لشيعتهم ، لأنهم يدينون بحبهم ، بل قد سمعت من السرائر انه الناصب ، ولعله للخبرين السابقين ، وصدق اسم العدو لأهل البيت عليهمالسلام بذلك ، لكنه لا يخلو من تأمل ، وان كان يمكن الاكتفاء بهما في إثباته ، وان لم يصلح سندهما لاندراجه في الظن بالموضوع ، إلا أن السيرة القاطعة في سائر الأعصار والأمصار على مساورتهم ومخالطتهم مع غلبة تحقق ذلك في أغلبهم تنافيه ، كغيرها من الأدلة السابقة على طهارتهم ، والاحتياط في اجتناب الجميع.
وعن شرح المقداد « أن الناصب يطلق على خمسة أوجه : الخارجي القادح في علي عليهالسلام ، الثاني ما ينسب إلى أحدهم عليهمالسلام ما يسقط العدالة ، الثالث من ينكر فضيلتهم لو سمعها ، الرابع من اعتقد فضيلة غير علي عليهالسلام ، الخامس من أنكر النص على علي عليهالسلام بعد سماعه أو وصوله اليه بوجه يصدقه ، أما من أنكر لا جماع أو مصلحة فليس بناصب » انتهى.
قلت : ولا ريب في نجاسة الخامس والأول ، وأما الثلاثة فيظهر البحث فيها مما مر