بسبب ما وصفوه وأظهروه من الشهادتين مع إنكارهم الولاية ، وبسبب ما يجري عليهم من أحكام الإسلام في الدنيا ، فهي بالدلالة على المطلوب أحرى.
فما عن المرتضى من نجاسة غير المؤمن بالمعنى الأول لهذه الأخبار ضعيف جدا ، وان استدل له أيضا بقوله تعالى (١) ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) وقوله تعالى (٢) : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) فغير المؤمن غير مسلم ، فهو كافر ، وبقوله تعالى (٣) ( كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ).
وفيه ما عرفت من معلومية مغايرة الإسلام للايمان بالمعنيين الأخيرين كتابا وسنة كادت تكون متواترة ، وأنه أخص منه ، وبمنزلة فرد من أفراده ، كمعلومية مرادفته له بالمعنى الأول ، ولعله المراد في الآيات الثلاثة ، كما يؤيده حدوث الايمان بالمعنى الثاني وتأخره عن وقت النزول ، على أن الظاهر إرادة المباين للإسلام من غير الإسلام ، كما أن الظاهر بل المقطوع به إرادة العذاب من الرجس هنا لا النجاسة كما هو واضح للعارف بأساليب الكلام ، ولم أعرف موافقا صريحا للمرتضى في ذلك من معتبري الأصحاب ، بل ولا من حكي عنه ذلك إلا ابن إدريس ، مع انه استثنى المستضعف الذي لا يعرف اختلاف الآراء ولا يبغض أهل الحق من غير المؤمن ، وفسر المؤمن بالمصدق بالله وبرسله وبكل ما جاؤوا به ، وفيه إجمال أو إيهام.
لكن ومع ذلك ففي الحدائق أن الحكم بكفر المخالفين ونصبهم ونجاستهم هو المشهور في كلام أصحابنا المتقدمين مستشهدا بما حكاه عن الشيخ ابن نوبخت ، وهو من متقدمي أصحابنا في كتابه فص الياقوت ، دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا ، ومن أصحابنا من يفسقهم ، إلى آخره ، ولا يخفى ما فيه.
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ١٧.
(٢) سورة آل عمران الآية ٧٩.
(٣) سورة الأنعام ـ الآية ١٢٥.