وأضعف منه الاستدلال بما في الرياض عليه وعلى غيره مما شك باستحالته باستصحاب الطهارة في الملاقي ، وقاعدتها المستفادة من نحو قوله (ع) (١) : « كل شيء طاهر حتى تعلم » إذ هما معا يحكم عليهما استصحاب النجاسة في المشكوك باستحالته كما مر نظيره غير مرة ، بل أولهما بعد تسليمه لا يقتضي طهارة الملاقي بالفتح حتى يعارضه ، إذ أقصاه طهارة الملاقي بالكسر ، وهي أعم من الحكم بذلك ، وأما الأخيران فقد يعطي ذهاب الأكثر في باب التيمم إلى عدم جوازه بثانيهما ، وجماعة بأولهما إلى الطهارة هنا ، لاشتراكهما في المنشأ ، وهو الاستحالة ، كما انه قد يشهد لها خبر الجص وظهور تغير الاسم والحقيقة ، سيما الثاني ، لكني لم أجد أحدا صرح باختيارها في المقام.
نعم هو ظاهر الرياض أو صريحه وكشف اللثام في الثاني ، إلا أن القول بطهارتهما لعله لازم لمن قال بها في الخزف والآجر ، بل وكل من يتوقف في إجراء الاستصحاب في مثل المقام مما شك فيه كالمعالم والذخيرة ، كما أن القول بالنجاسة قد يلزم القائل بجواز التيمم بهما ، إذ منشأه عدم تحقق الاستحالة أو تحقق عدمها المشترك في المقامين.
ولعلك بملاحظة ما تقدم لنا في ذلك المقام تكون على بصيرة فيما نحن فيه من القول بالنجاسة ، خصوصا بعد تأييده باستصحاب الأحكام عند الشك في بقاء الموضوع ، بل واستصحاب الموضوع نفسه بناء عليه وان كانا معا لا يخلوان من بحث ، والاحتياط في مثل المقام لا ينبغي تركه ، والله أعلم.
لكن على كل حال فالبحث هنا انما هو للشك في كون ذلك استحالة وعدمه ، وإلا فلو علم الثاني أو الأول لم يكن له وجه ، لظهور الاتفاق على توقف تطهير النار عليها ، ومن هنا كان المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا على عدم طهر العجين ذاتا أو عرضا بالخبز شهرة كادت تكون إجماعا كما اعترف به بعضهم ، بل هي كذلك ، إذ لم نعرف
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٤.