ومن هنا مع ظهور رجحان هذه الأخبار القاضي بعدم مكافأة الأولى حتى يجمع بالتخيير ونحوه قال في المدارك تبعا لما في الروضة وعن مجمع البرهان : « إنه لو لا الإجماع لوجب القول بتعيين الصلاة في النجس » بل في كشف اللثام أنه الأقوى كما عن المعالم ، وكأنه لعدم ثبوت الإجماع عندهما ، بل ربما استظهر ذلك من الفقيه أيضا ، حيث انه روى الأخبار الدالة على الصلاة في النجس غير معقب لها بما ينافيها من قول أو رواية.
ويدفع بمنع عدم تحقق الشهرة بعد نقل أولئك الأساطين المذكورين الذين هم أعلم منا بكلمات المتقدمين ، ومصير الفاضلين إلى خلافه ، مع أنه في بعض كتبهما لا يوهنه ، وإن تبعهما من تأخر عنهما ، خصوصا مع عدم عض بعضهم كالشهيد في الذكرى عليه بضرس قاطع ، على أنه يمكن دعوى عدم احتياج بعض تلك الأخبار أو الجميع إلى الانجبار بالاشتهار بدعوى انها من الصحيح ، بناء على كون العدالة من الظنون الاجتهادية ، ومن الموثق ، وهما معا عندنا لا يحتاجان إلى ذلك ، أو بدعوى الاتفاق محصلا على العمل بمضمونها في الجملة الذي يشهد على أنها من المعتبرة عند الجميع.
بل وبمنع عدم تحقق الإجماع بعد عدالة حاكيه ، وكونه مظنة للاطلاع على ما لا يطلع عليه غيره ، والاحتمال المذكور لا ينافي الظهور المزبور ، وليس هو من ظاهر الإجماع الذي ليس بحجة عندنا ، بل هو من ظاهر متن الإجماع الذي هو بعض ظواهر الخطاب المعلوم حجيته.
بل وبمنع أرجحية هذه الأخبار ، إذ الشهرة وموافقة الإطلاقات كتابا وسنة والإجماع المحكي من مثل الشيخ لا يقاومها شيء مما عداها من المرجحات ، ولذا لم يرجحها عليها أحد من معتبري الأصحاب وإلا لم يتجه لهم التخيير المذكور.
وما في كشف اللثام وعن المعالم من القول بتعيين الصلاة لا يلتفت اليه بعد إمكان دعوى مخالفته المحصل من الإجماع فضلا عن محكيه الذي قد عرفته.