وصحيح الحلبي (١) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصلاة في ثوب المجوسي ، فقال : يرش بالماء » الحديث.
إلا أنه لا يخفى عليك وجوب حملها على إرادة الندب بقرينة ما سمعت من إجماع المعتبر المعتضد بغيره ، سيما حمل الأمر بالرش على الندب في غير ذلك من المواضع الوارد فيها حتى من الخصم على الظاهر ، حيث لم ينقل عنه الوجوب ، بل في المعالم أن ظاهر الأصحاب الإطباق على استحبابها ، على أن خبري الخنزير الأولين ينافيان إرادة التعبد ، كما أنه ينافيه مقابلة النضح ونحوه فيها بالغسل المعلوم عدم إرادته منه.
ودعوى ظهوره من خبر الخنزير الثالث للأمر بالمضي فيه مع الدخول ممنوعة ، إذ لعله لكونه مستحبا لا يقطع له الصلاة ، بل قد يؤيده الأمر به على تقدير عدم الدخول ، إذ لا مدخلية له على فرض التعبد ، ولعل الاستثناء فيه يراد منه وجوب الغسل على تقدير الدخول ، وعدمه بمعنى أنه يقطع الصلاة ويبطلها على الأول كما هو الغالب من عدم تيسر الغسل فيها ، فلا ينافي حينئذ ما دل على بطلان صلاة ناسي النجاسة الذاكر في الأثناء حتى يحتاج إلى تأويل الخبر وصرفه عن ظاهره بإرادة الجاهل بوجود الأثر وان علم الملاقاة ، لكونها أعم منه ، فلا تمنعه من التمسك بأصالة الطهارة حتى دخل ثم علم.
وما يقال ـ من أن التعبد لا بد من ارتكابه هنا في هذه الأوامر حتى على تقدير الندب أيضا لعدم تصوره بالنسبة للطهارة والنجاسة ، فابقاؤها على ظاهرها من الوجوب أولى حينئذ ـ يدفعه منع عدم تصوره على إرادة رفع الأثر الحاصل من ملاقاتها يابسة ، وان كان لم يعتبر الشارع هذا الأثر في صحة المشروط بالطهارة ، بل جعل رفعه مستحبا فيها ، فهو كأثر النجاسة في الجملة ومن قبيله ، لكنه لم يصل إلى حد وجوب الإزالة ، فتأمل جيدا فإنه دقيق.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٣ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٣.