بذلك ، كما قد يومي اليه التأمل في عبارة الناصريات ـ انه معارض بأوامر الصب في الأخبار الكثيرة الواردة في نجاسة الجسد والثوب والفراش ذي الحشو وغيرها من بول الصبي وغيره ، وهو ظاهر ان لم يكن صريحا في ورود المطهر ، فيكون مع إتمامه بعدم القول بالفصل بين موارده وغيرها مقيدا للإطلاق.
وأما خبر ابن محبوب فهو مع إجماله سؤالا وجوابا من وجوه لا صراحة فيه ، بل ولا ظهور في طهارة الجص بوضعه في الماء ، وكيف مع أن الشهيد نفسه رحمهالله لا يرى طهارة ما يرسب فيه الماء ولا يعصر بالقليل.
وأما صحيح ابن مسلم (١) فهو مع احتماله لإرادة معنى الباء من « في » بل لعله متعين عندهم ، إذ لا يستقيم ظاهره على القول بنجاسة الغسالة ، إذ لا بد من إراقة ماء الغسلة الأولى وعصر الثوب ، بناء على اعتباره بعد كل غسلة ، فينجس حينئذ الثوب بغسله ثانيا فيه بنجاسة الماء الجديد وإنائه.
اللهم إلا أن يلتزم تطهير الإناء بعد الغسلة الأولى ثم يجعل فيه ماء ويوضع الثوب فيه ، أو يلتزم تنزيل الثوب منزلة الجزء من الإناء فيصب عليه الماء بعد إراقة ماء الغسلة الأولى ، فينجس الماء الثاني بعد فصل الثوب عن الإناء ، أو يطهر هو والإناء بإراقة الماء ثانيا ، ثم يفصل الثوب عنه فيعصر.
وهما كما ترى ، مع عدم منافاته على التقدير الأخير لمعتبر الورود في الغسلة الأخيرة خاصة ، لأنها هي المطهرة ، وعدم أولويته من القول بكون الغسلتين بالصب عليه وهو في الإناء ، جمعا بينه وبين الأدلة السابقة من أوامر الصب وغيرها ، بل لعله المتعارف من كيفية الغسل فيه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ١.