قلت : قد عرفت فيما سبق احتمال اتحاد تفسيري البغلي وان الاختلاف في وجه النسبة والتسمية خاصة ، لكنه من المحتمل إنكار ابن دريد ومن تبعه كون ما شاهده ابن إدريس من دراهم تلك القرية من البغلي المفسر بما ذكر ، إلا أن أصالة عدم التعدد بعد إمكان الجمع بين التفسيرين ينفيه ، فمن هنا كان الركون إلى تقدير ابن إدريس لا يخلو من قوة.
بل يمكن دعوى شهادة القرائن له ، كما أنه يمكن إرادة الأصحاب بضبط الوزن بالدرهم والثلث بيان زيادة مساحته على الدرهم المعروف بقدر زيادة وزنه ، فيوافق ما ذكره الحلي حينئذ ، وليس ذلك منه من الشهادة المعتبر فيها التعدد ، بل هو من باب الاخبار ، كما أنه لا يعارضه التقادير الأخر إما لما ذكره في الروض أو في المعتبر من التقارب ، أو لأنه أقوى من غيره باعتبار العلم باستناده إلى المشاهدة دونها.
على أن ما ذكره ابن أبي عقيل ليس تقديرا للدرهم حتى يعارضه ، انما ذكره تقديرا للمعفو عنه من الدم مستندا لخبر علي بن جعفر (١) المتقدم القاصر عن إثباته ان لم ينزل على الدرهم ، بل وكذا ابن الجنيد لم يذكر ذلك التقدير للبغلي ، وأما التقدير بعقدة الوسطى فهو مع عدم معرفة المقدر ولا إرادته تقدير سعة البغلي أو الدم ضعيف جدا ، بل في الرياض تشهد القرائن بفساده قطعا ، والله أعلم.
لكن ومع ذلك كله فالاحتياط بعدم الزيادة على المتيقن لا ينبغي تركه ، خصوصا فيما نحن فيه من الصلاة اللازم فيها ذلك ، تحصيلا للبراءة اليقينية ، واقتصارا فيما خالف الأصل المستفاد من وجوب إزالة النجاسة أو الدم على المقطوع به ، ومن هنا مال في الرياض تبعا لبعض من تقدمه اليه ، وإن كان يمكن المناقشة بمنع مبنى أولهما من مانعية ما شك في مانعيته ، لاستصحاب بقاء الثوب على صحة الصلاة به ، ولأنه كسائر شبه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٨.