[٢] إِنِّي لما بَذَلْتُ ـ فيما أَخْلَدْتُ من الكتب ـ وسعي ، وأخرجت (١) فيما لزمني من ذلك ـ جهدي : وَجَدتُ الصلاة تجمع حدوداً كثيرة ، والصوم يشمل أموراً وافرةً ، والزكاة تضم معاني مختلفة ، والحج يحوي مناسك جمة ، ووَجَدتُ حَمل هذه الأشياء الجليلة ، وملابسة هذا الدين القيم ، وتبصرة ما ذكرت من هذه الأحوال ، لا تنال إلا بسابقة إليه وإمام يَدلُّ عليه ، وأن من هداه الله ذلك ارتَشَدَ سبيله ، وانتفع بعلمه وعمله ، ومَنْ أَضَلَّهُ أَضَلَّ سبيله وحَبِطَ عمله ، وخسر الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين :
عَلِمتُ أنَّ الإمامة حال بها تُدرك حدود الصلاة ، وشرائع الصوم ، ومعاني الزكاة ، ومناسك الحج ، ورأيتها أجَلَّ عُرْوَةٍ مُحْكَمَةٍ ، وَأَوْثَقَ سَبيل منهجة .
ورأيتُ كثيراً مِمَّنْ صَحْ عَقدُهُ ، وثَبَتَتْ على دين الله وَطْأَتُه ، وظهرت في الله خشيته ، قد أحارته الغيبة ، وطال عليه الامد ، حتى دخلته الوحشة ، وأفكرته (٢) الأخبار المختلفة والآثار الواردة .
جمعت أخباراً تكشِفُ الخيرة ، وتَحْسِمُ العُمةَ (٣)، وتُنبىء عن العَدَدِ ، وتُونِسُ من وَحْشَةِ طُول الأمد .
وبالله للصواب أرتشِد ، وعلى صالح القول أستعين ، وإياه أسألُ أَنْ يحرس الحق ويحفظه على أهله ، ويصُونَ مُسْتَقَرَّهُ وَمُسْتَوْدَعَه
__________________
(١) كذا ، والظاهر كون الكلمة و أحزمت جهدي : أي جمعت ، أو أجريت جهدي ) اي اعْمَلْتُ .
(٢) أفكره الشيء . جعله يفكر فيه .
(٣) كذا في (ب) وفي (أ) : وتجسم النعمة .