[٣] فلأجل الحاجة إلى الغيبة اتسعت الأخبار ، والمعاني التقية والمدافعة عن الأنفس اختلفت الروايات ، وما كان الله لِيُضِلَّ قَوماً بعدَ إِذْ هداهم حتى يبين لهم ما يَتَّقُونَ .
ولولا التقية والخوف لما حارَ أَحَدٌ ، ولا اختلف اثنان ، ولا خَرَجَ شَيْءٌ من معالم دين الله تعالى إلا على كلمة لا تختلف وحرف لا يشتبه ، ولكن الله ـ عَظُمَتْ أسماؤه ـ عَهِدَ إِلى أَئِمَّةِ الهُدى في حفظ الأُمَّةِ ، وجَعَلَهم في زَمَنِ مأذوناً لهم بإذاعة العلم ، وفي آخر حلماءَ يَغْفِرون للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون .
عظم هذا من أمرٍ وجَلَّ ! ولأمرٍ مَا وَقَعَ وَحَلَّ ! .
وغيرُ عَجَبٍ أَنْ يُحدث ـ في مثله من الأوقات ـ خبر يحمي خيط الرقبة ، ويجرس ـ بفضل المداراة ـ جمهور البيضة .
[٤] وفي مثل هذا الزمن خُولِف الأمر في العدد ، حتى أوقع ـ في الظاهر ـ أمر لا خلاف في استبطانه ، وكُشِفَ عن سَبَبٍ لا شَكٍّ فِي كتمانه .
وليست إشارة مشهورة وإذاعة بينةً أن يقول ولي من أولياء الله وثقة من خزان أسرار الله إن صاحب هذا الأمر أشَبُّ مني وأخف ركاباً ، هذا ، مع [ تضمن ] الروايات المشهورة ، والأحاديث الكثيرة : أن الوقت غير معلوم ، والزمن غير معروف .
ولولا كتمان الوقت والمساترة به لما استدل عليه بالصيحة، والآيات ، وخروج رايات أهل الضلالات ، ولقيل : ه إنه فلان ابن فلان ، يوم معلوم بين الأيام . .
ولكن الله ـ جل اسمه ـ جَعَلَه أَمْراً مُنتَظَراً في كل حين ، وحالاً مرجوة .