استصحاب وجود المتصف أو عدمه لا يثبت كون المحلّ موردا لذلك الوصف العنواني ، فافهم.
____________________________________
بمعنى عدم الرجوع إلى الاستصحاب في كلا القسمين ، بل يجوز الرجوع إليه في الأوّل دون الثاني ، فيقال هذا الدم لم يكن حيضا فهو الآن ليس بحيض ، وهذا الماء كان كرّا فهو الآن كرّ ، ولا يقال باستصحاب عدم وجود الحيض ثمّ الحكم بأنّ هذا العدم قائم بهذا الدم فلازم ذلك أنّه ليس بحيض ، وكذا استصحاب وجود الكرّ ثمّ الحكم بأنّ الماء الباقي كرّ ؛ لأنّ الاستصحاب حينئذ مثبت ، وفي بحر الفوائد ما هذا لفظه :
لا يخفى عليك أنّ ما ذكره معيار متين حسن يجب البناء عليه في الوجوديات والعدميات ، فكلّما كان الشيء متصفا بوصف عنواني ثمّ شكّ في زوال هذا الوصف عنه في اللاحق فيرجع إلى استصحاب بقاء الموصوف على وصفه ، وكلّما كان الشيء محلّا لوصف واقعا ثمّ شكّ بعد العلم بثبوت هذا الوصف في المحلّ في زواله فلا يرجع إلى استصحاب بقاء هذا الوصف لإثبات كون المحلّ مشغولا به ؛ لأنّه يلزم التعويل على الأصل المثبت بخلاف الأوّل ، فهذه قاعدة كلّيّة لا ريب ولا إشكال فيها أصلا.
نعم ، قد يقع الإشكال في المصاديق الخارجيّة من أنّها من أيّ القسمين ، فلا بدّ من التأمّل حتى لا يقع في خلاف الواقع. انتهى مورد الحاجة من كلام صاحب بحر الفوائد.
(فافهم) لعلّه إشارة إلى أنّ ما ذكر من الفرق بين القسمين في المثالين المذكورين بجريان الاستصحاب في أحدهما دون الآخر إنّما يتمّ على تقدير اعتبار الاستصحاب من باب الأخبار ، وأمّا على تقدير اعتباره من باب الظنّ فلا فرق بينهما ، وذلك لاعتبار مثبتات الأمارات الظنّيّة ، فيترتّب على المستصحب حينئذ الآثار الشرعيّة مطلقا ، أي : سواء كانت بواسطة أمر عقلي أو عادي أو بلا واسطتهما.