الانتفاء وما هو مشكوك الحدوث ، وهو محكوم الانتفاء بحكم الأصل» مدفوع ، بأنّه لا يقدح ذلك في استصحابه بعد فرض الشكّ في بقائه وارتفاعه ، كاندفاع توهّم كون الشكّ في بقائه مسبّبا عن الشكّ في حدوث ذلك المشكوك الحدوث. فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه لزمه ارتفاع القدر المشترك ، لأنه من آثاره.
____________________________________
(وتوهّم عدم جريان الأصل في القدر المشترك من حيث دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مشكوك الحدوث ، وهو محكوم الانتفاء بحكم الأصل مدفوع ، بأنّه لا يقدح ذلك في استصحابه ... إلى آخره).
والتوهّم المذكور يتّضح بعد تقديم مقدّمة مشتملة على أمرين :
الأوّل : إنّ وجود الكلّي في الخارج هو عين وجود أفراده ، فله وجودات بعدد وجودات الأفراد.
والثاني : إنّ أهمّ أركان الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء. إذا عرفت هذه المقدّمة ، يتّضح لك وجه عدم جريان الاستصحاب في القسم الثاني ؛ وذلك لانتفاء اليقين بالحدوث أو الشكّ في البقاء ، فإنّ أمر الكلّي في الواقع دائر بين وجوده في الفرد القصير ، أو الفرد الطويل.
وعلى الأوّل ينتفي الشكّ في البقاء لكونه مقطوع الانتفاء ، وعلى الثاني ينتفي اليقين بالحدوث مع كونه محكوما بالانتفاء بالأصل ، فيكون الكلّي مرتفعا في الزمان الثاني إمّا وجدانا ، كما في الفرض الأوّل ، أو تعبّدا بالأصل ، كما في الفرض الثاني ، وعلى التقديرين لا يبقى شكّ في البقاء حتى يجري الاستصحاب.
وحاصل الجواب : إنّ دوران أمر الكلّي في الواقع بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مقطوع البقاء ، لا يمنع عن استصحاب نفس الكلّي بالنسبة إلى الآثار المترتّبة عليه ؛ وذلك لتحقّق اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء بالنسبة إلى نفس الكلّي ، فإنّ كلّي الحيوان في فرض دورانه بين الفرد القصير والطويل يقينيّ الحصول ، ومشكوك البقاء ، فيجري فيه الاستصحاب.
نعم ، ما ذكر من دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مقطوع البقاء مانع عن جريان الاستصحاب في خصوص الفردين كما عرفت. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل.