فحينئذ يقع الإشكال في أنّه إذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفي كسائر الأحكام المجهولة للمكلّف المقصّر ، فيكون تكليفه بالواقع وهو القصر بالنسبة إلى المسافر باقيا. وما
____________________________________
الاستثناء والمستثنى منه.
فإن قلت : إنّ ذلك مسلّم لكن الاستثناء حسب إطلاقه يدلّ على سقوط أثر الحكم التكليفي ، كما يدلّ على سقوط الحكم الوضعي.
قلت : قد صدر هذا الكلام منهم في باب الخلل في مقام بيان حكم الناسي والغافل ، والجاهل ، يجب القضاء والإعادة حيث حكموا بوجوبهما على الجاهل إلّا في هذين الموضعين ، وقرينة المقام تنادي على اختصاص السقوط بالحكم الوضعي دون التكليفي.
وممّا ذكرنا من اختصاص مورد الاستثناء بالحكم الوضعي ظهر ما في كلام صاحب الفصول حيث عمّم مورده بالنسبة إلى الحكم الوضعي ورفع العقاب. انتهى.
(فحينئذ) ، أي : حين معذوريّة الجاهل بالنسبة إلى الحكم الوضعي دون العقاب على الحكم التكليفي (يقع الإشكال ... إلى آخره) ، والإشكال المزبور مبني على اختصاص مورد الاستثناء بالحكم الوضعي ، كما هو ظاهر المتن ، وتقرير الإشكال وتوضيحه مبني على ثبوت أمرين :
أحدهما : بقاء وجوب القصر في الواقع بعد إتيان الجاهل بالتمام.
وثانيهما : كون التمام واجبا مأمورا به في حقّ الجاهل بالقصر.
أمّا ثبوت الأمر الأوّل ، فلأنّ مقتضى عدم معذوريّة الجاهل بالنسبة إلى العقاب هو ثبوت الإثم في حقّه ، وثبوت الإثم مستلزم لثبوت وجوب القصر عليه ، وإلّا فلا معنى لكونه آثما ومستحقا للعقاب.
وأمّا ثبوت الأمر الثاني ، فلأنّ التمام حينئذ لا يخلو عن أحد احتمالين :
الأوّل : إنّه أيضا واجب على الجاهل بالقصر.
والثاني : إنّه ليس واجبا عليه. والثاني باطل إذ لا يمكن أن يكون غير الواجب مسقطا للواجب ، وبعد ثبوت الأمرين ، فنقول :
إنّ معذوريّة الجاهل بالنسبة إلى الحكم الوضعي فقط مستلزم للأمر بضدين وتوجّه التكليف بالمتضادين
إلى الجاهل في زمان واحد ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :