وأمّا القسم الثاني ، أعني : الامور التدريجيّة الغير القارّة ، كالتكلّم والكتابة والمشي ونبع الماء من العين ، وسيلان دم الحيض من الرحم ، فالظاهر جواز إجراء الاستصحاب فيما يمكن أن يفرض فيها أمرا واحدا مستمرّا ، نظير ما ذكرناه في نفس الزمان ، فيفرض التكلّم ـ مثلا ـ مجموع أجزائه أمرا واحدا ، والشكّ في بقائه لأجل الشكّ في قلّة أجزاء ذلك الفرد الموجود منه في الخارج وكثرتها ، فيستصحب القدر المشترك المردّد بين قليل الأجزاء وكثيرها.
ودعوى : «أنّ الشكّ في بقاء القدر المشترك ناشئ عن حدوث جزء آخر من الكلام ، والأصل عدمه المستلزم لارتفاع القدر المشترك ، فهو من قبيل القسم الثالث من الأقسام
____________________________________
(وأمّا القسم الثاني ، أعني : الامور التدريجيّة الغير القارّة ، كالتكلّم والكتابة والمشي ونبع الماء من العين ، وسيلان دم الحيض من الرحم ، فالظاهر جواز إجراء الاستصحاب فيما يمكن أن يفرض فيها أمرا واحدا مستمرا ... إلى آخره) ، كنطق الواعظ في مجلس واحد وإن طال ، فإنّه يلاحظ فردا من التكلّم بخلاف نطقه في مجلسين حيث لا يفرض أمرا واحدا.
وحاصل الكلام ، هو أنّ حال القسم الثاني هو بعينه حال القسم الأوّل من دون الفرق بينهما.
فالإشكال الذي تقدّم في القسم الأوّل ـ وهو عدم صدق الشكّ في البقاء في الزمان ـ جار في القسم الثاني.
والجواب عن الإشكال في الزماني هو عين الجواب عن الإشكال في الزمان.
فيقال : إنّ الأمر التدريجي وإن كان كالزمان متقوّما بالانصرام والانقضاء ولا يمكن اجتماع جزءين منه في زمان واحد ، بل يوجد جزء منه بعد انعدام جزئه الآخر كنفس الزمان ، إلّا أنّه يمكن فرضه أمرا واحدا في نظر العرف بأن يكون وجود الأمر التدريجي بوجود أوّل جزء منه ، وبقاؤه إلى وجود آخر جزء منه ، فإذا شكّ في بقائه يحكم بالبقاء ما لم يحصل اليقين بالارتفاع.
(فيفرض التكلّم ـ مثلا ـ مجموع أجزائه أمرا واحدا ، والشكّ في بقائه لأجل الشكّ في قلّة أجزاء ذلك الفرد الموجود منه في الخارج وكثرتها ، فيستصحب القدر المشترك المردّد بين قليل الأجزاء وكثيرها) ، كاستصحاب كلّي الحيوان المردّد بين قصير العمر وطويله.
(ودعوى : أنّ الشكّ في بقاء القدر المشترك ناشئ عن حدوث جزء آخر من الكلام ،