الجاهل على ترك التعلّم بقبح تكليف الغافل.
____________________________________
(وقد خالف فيما ذكرنا) من أنّ العقاب على مخالفة الواقع لا على ترك التعلّم (صاحب المدارك تبعا لشيخه المحقّق الأردبيلي ، حيث جعلا عقاب الجاهل على ترك التعلّم بقبح تكليف الغافل).
وتوضيح الكلام في هذا المقام بما لا يبقى معه إبهام يحتاج إلى بيان امور :
منها : ما هو محلّ الكلام في هذا المقام ، حيث إنّ محلّ الكلام هو الجاهل البسيط الذي كان شاكّا متردّدا في السابق ، فلم يتفحّص عن الحكم ولم يتعلّمه ، ثمّ عرضت له الغفلة أو الجهل المركّب حين ارتكابه محتمل الحرمة كشرب العصير العنبي مثلا وإلّا فالغافل والجاهل المركّب لا يتصوّر في حقّهما الرجوع إلى البراءة ، لكي يكون الكلام في عقابهما محلّا للاختلاف ، وطرحهما هنا من باب الاستطراد.
ومنها : ذكر كلام صاحب المدارك قدسسره لكي نرى ما يظهر منه من ترتّب العقاب على ترك التعلّم لا على مخالفة الواقع ، فنقول : إنّه قال في المدارك في مسألة الإخلال بالنجاسة ذاكرا لها ما هذا نصّه :
إنّ إطلاق كلام الأصحاب يقتضي أنّه لا فرق في العالم بالنجاسة بين أن يكون عالما بالحكم الشرعي أو جاهلا ، بل صرّح العلّامة وغيره بأنّ جاهل الحكم عامد ؛ لأنّ العلم ليس شرطا في التكليف وهو مشكل لقبح تكليف الغافل ، والحقّ أنّهم إن أرادوا بكون الجاهل كالعامد أنّه مثله في وجوب الإعادة في الوقت مع الإخلال فهو حقّ ، لعدم حصول الامتثال المقتضي لبقاء التكليف تحت العهدة.
وإن أرادوا أنّه كالعامد في وجوب القضاء فهو على إطلاقه مشكل ؛ لأنّ القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدليل فإن ثبت مطلقا ، أو في بعض الموارد ثبت الوجوب ، وإلّا فلا.
وإن أرادوا أنّه كالعامد في استحقاق العقاب فمشكل أيضا ؛ لأنّ تكليف الجاهل بما هو جاهل به تكليف بما لا يطاق ، نعم هو مكلّف بالبحث والنظر إذا علم وجوبهما بالعقل والشرع ، فيأثم بتركهما لا بترك ذلك المجهول ، كما هو واضح. انتهى كلامه.
وكلامه هذا صريح في أنّ العقاب على ترك البحث والنظر لا على ترك الواقع ، فلا يمكن حمله على ما ذكره المصنّف قدسسره هذا أوّلا.