وقد يتخيّل : أنّ أصالة العدم على الوجه المتقدّم وإن اقتضت ما ذكر ، إلّا أنّ استصحاب الصحّة حاكم عليها.
وفيه : ما سيجيء في المسألة الآتية من فساد التمسّك به في هذه المقامات ، وكذا التمسّك بغيره ممّا سيذكر هناك.
فإن قلت : إنّ الأصل الأوّلي وإن كان ما ذكرت ، إلّا أنّ هنا أصلا ثانويّا يقتضي إمضاء ما يفعله الناسي خاليا عن الجزء والشرط المنسي عنه ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : (رفع عن امّتي تسعة : الخطأ والنسيان ...) (١) بناء على أنّ المقدّر ليس خصوص المؤاخذة ، بل جميع الآثار الشرعيّة
____________________________________
التكليف ؛ وذلك لأنّ الجزئيّة كما عرفت ليست تابعة للتكليف حتى تنتفي بانتفائه ، وهذا بخلاف الشرطيّة كشرطيّة إباحة مكان المصلّي المسبّبة عن تحريم الغصب ، والقول بعدم جواز اجتماع الأمر والنهي حيث تكون الشرطيّة مسبّبة عن التكليف النفسي ، وهو وجوب الاجتناب عن الغصب فتنتفي بانتفائه ، فكما أنّ التكليف مختصّ بحال الالتفات كذلك تختصّ الشرطيّة بحال الالتفات ، فتنتفي عن الغافل.
(وقد يتخيّل : أنّ أصالة العدم على الوجه المتقدّم وإن اقتضت ما ذكر ، إلّا أنّ استصحاب الصحّة حاكم عليها).
حاصل التخيّل ، هو أنّ أصالة العدم ـ أي : أصالة عدم كفاية ما أتى به الناسي من الناقص عن الكامل لعدم ثبوت بدليّة الناقص عنه شرعا ـ وإن كانت تقتضي الفساد ، إلّا أنّ استصحاب الصحّة حاكم على أصالة العدم التي تقتضي الفساد ؛ وذلك لأنّ موضوع أصالة العدم هو كون المأتي به ناقصا ، ومقتضى الاستصحاب يثبت لنا كمال الموضوع ، فيرتفع به موضوع أصالة العدم فيكون حاكما أو واردا عليها!!.
وجوابه هو ما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وفيه : ما سيجيء في المسألة الآتية من فساد التمسّك به في هذه المقامات) فانتظر.
(فإن قلت : إنّ الأصل الأوّلي وإن كان ما ذكرت ، إلّا أنّ هنا أصلا ثانويّا يقتضي إمضاء ما يفعله الناسي خاليا عن الجزء والشرط المنسي عنه ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : (رفع عن أمّتي تسعة :
__________________
(١) التوحيد : ٣٥٣ / ٢٤. الخصال ٢ : ٤١٧ / ٩. والوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، أبواب جهاد النفس ، ب ٥٦ ، ح ١.