وفي جريان استصحاب الكلّي في كلا القسمين نظرا إلى تيقّنه سابقا وعدم العلم بارتفاعه وإن علم بارتفاع بعض وجوداته وشكّ في حدوث ما عداه ، لأن ذلك مانع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلّي ، كما تقدّم نظيره في القسم الثاني. أو عدم
____________________________________
وثانيهما : أن يكون الفرد الآخر من مراتب الموجود السابق ، كالسواد الضعيف المحتمل قيامه مقام السواد الشديد ، كما سيأتي في كلام المصنّف قدسسره.
فالوجوه المتصوّرة في القسم الثالث وإنّ كانت ثلاثة ، إلّا أنّ المصنف قدسسره جعله قسمين ، حيث قال :
(وفي جريان استصحاب الكلّي في كلا القسمين ... إلى آخره) ، وقد ذكر المصنف قدسسره لحكم هذه الأقسام وجوها :
الأوّل : جريان الاستصحاب مطلقا.
والثاني : عدم جريان الاستصحاب مطلقا.
والثالث : التفصيل بين القسم (الأوّل) والقسمين الآخرين ، فيجري استصحاب الكلّي في القسم الأوّل دون الآخرين ، إلى أن قال : (أقواها الأخير) وهو التفصيل.
فلا بدّ من بيان الوجه في كلّ واحد من الوجوه المذكورة.
فنقول : إن الوجه في جريان الاستصحاب مطلقا ، وهو وجود مناط الاستصحاب في جميع الوجوه والأقسام ، فإنّ المناط في جريان الاستصحاب هو كون شيء متيقّن الوجود في السابق مشكوك البقاء في اللاحق ، وهذا المعنى متحقّق بالنسبة إلى وجود الكلّي بنفسه مع قطع النظر عن وجود الفرد ، إذ من المعلوم أنّ وجود الكلّي بنفسه كان متيقّنا سابقا ، ولم يعلم ارتفاعه فلا بدّ من البناء عليه ، وتعدّد الوجودات لا ينافي صدق البناء عليه وإن كان منافيا بالنسبة إلى الفرد ، كما لا يخفى.
وبالجملة ، إنّ أركان الاستصحاب حاصلة بالنسبة إلى نفس الكلّي ؛ لأنّا بالوجدان نقطع بوجد الكلّي سابقا ونشكّ في بقائه لاحقا ، كما عرفت وإن لم تكن الأركان حاصلة بالنسبة إلى كلّ واحد من الفردين ، لأنّه قد(علم بارتفاع بعض وجوداته وشكّ في حدوث ما عداه) ، إلّا أنّ عدم حصول الأركان بالنسبة إلى الأفراد(مانع من إجراء الاستصحاب في الأفراد دون الكلّي ، كما تقدّم نظيره في القسم الثاني).