الاستصحابات الوجوديّة. وانتظر لتمام الكلام.
وممّا يشهد بعدم الاتّفاق في العدميّات اختلافهم في أنّ النافي يحتاج إلى دليل أم لا؟ فلاحظ ذلك العنوان تجده شاهد صدق على ما ادّعيناه.
نعم ، ربّما يظهر من بعضهم خروج بعض الأقسام من العدميّات من محلّ النزاع ، كاستصحاب النفي المسمّى بالبراءة الأصليّة ، فإنّ المصرّح به في كلام جماعة ـ كالمحقّق والعلّامة والفاضل الجواد ـ الإطباق على العمل عليه ، وكاستصحاب عدم النسخ ، فإنّ المصرّح به في كلام غير واحد ـ كالمحدّث الاسترآبادي والمحدّث البحراني ـ عدم الخلاف فيه. بل مال الأوّل إلى كونه من ضروريّات الدين ، وألحق الثاني بذلك استصحاب عدم التخصيص والتقييد.
والتحقيق أنّ اعتبار الاستصحاب ـ بمعنى التعويل في تحقّق شيء في الزمان الثاني على تحقّقه في الزمان السابق عليه ـ مختلف فيه من غير فرق بين الوجودي والعدمي.
____________________________________
الوجودي لغوا على تقدير خروج العدمي عن محلّ النزاع بقوله :
(فتسقط فائدة نفي اعتبار الاستصحابات الوجوديّة).
فلا بدّ من الالتزام ـ حينئذ ـ بدخول الاستصحابات العدميّة في محلّ النزاع ، لئلّا يلزم كون البحث عن اعتبار الاستصحابات الوجوديّة لغوا.
(وممّا يشهد بعدم الاتّفاق في العدميّات ، اختلافهم في أنّ النافي يحتاج إلى دليل أم لا؟).
وتقريب وجه الاستشهاد على عدم الاتّفاق في العدميّات وإدخالها في محلّ النزاع كالوجوديّات ، هو أنّ قول النافي دائما موافق لأصل العدم والاستصحاب العدمي ، فاحتياجه إلى دليل مبني على عدم حجيّة الاستصحاب العدمي ، إذ لو كان حجّة فهو دليل يغني عن دليل آخر ، فحينئذ يكون اختلافهم في هذه المسألة مبنيّا على اختلافهم في حجيّة الاستصحاب العدمي ، بمعنى أنّ كلّ من يقول بأنّ النافي يحتاج إلى دليل فهو ممّن لا يقول بحجيّته في حجيّة الاستصحاب العدمي ، وكلّ من يقول بأنّه لا يحتاج إلى دليل فهو ممّن يقول بحجيّة الاستصحاب العدمي ، لكونه حجّة ودليلا عنده ، فمع وجوده لا يحتاج إلى دليل آخر ، فيكون هذا الاختلاف منهم أقوى شاهد على دخول الاستصحاب العدمي في محلّ النزاع ، وعدم الاتّفاق على خروجه منه.