الأوّل : إنّ عدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهريّة الثابتة للشيء بوصف كونه مشكوك الحكم ـ نظير أصل البراءة وقاعدة الاشتغال ـ مبني على استفادته من الأخبار.
وأمّا بناء على كونه من أحكام العقل ، فهو دليل ظنّي اجتهادي ، نظير القياس والاستقراء على القول بهما ، وحيث إنّ المختار عندنا هو الأوّل ، ذكرناه في الاصول العمليّة المقرّرة للموضوعات بوصف كونها مشكوكة الحكم.
لكنّ ظاهر كلمات الأكثر ـ كالشيخ والسيّدين ، والفاضلين ، والشهيدين ، وصاحب
____________________________________
(الأوّل : إنّ عدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهريّة الثابتة للشيء بوصف كونه مشكوك الحكم ـ نظير أصل البراءة وقاعدة الاشتغال ـ مبني على استفادته من الأخبار).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره في الأمر الأوّل ، هو بيان الملازمة بين كون الاستصحاب من الاصول العمليّة ، وبين كون دليل اعتباره هو الأخبار ، وكذلك الملازمة بين كونه من الأمارات الظنيّة ، وبين كون دليل اعتباره هو حكم العقل ، وهذا بخلاف سائر الاصول العمليّة كالبراءة والاشتغال والتخيير ، فإنّها اصول عمليّة سواء كان دليل اعتبارها هو الأخبار ، أو حكم العقل.
ومراد المصنّف قدسسره من الأحكام الظاهريّة الثابتة للشيء بوصف كونه مشكوك الحكم هي الاصول العمليّة في مقابل الأمارات الظنّيّة التي هي أدلّة اجتهاديّة ، وإلّا فمؤدّى الأمارات الظنيّة على القول باعتبارها من باب الطريقيّة أيضا أحكام ظاهريّة ، غاية الأمر الفرق بينهما بأنّ الحكم الظاهري في مورد الاصول العمليّة ثابت للشاكّ بالواقع ، وفي مورد الأمارات للجاهل بالواقع.
وبعبارة أوضح : إنّ للحكم الظاهري إطلاقين :
أحدهما : هو الحكم الذي ثبت للشيء من حيث الشكّ في حكمه الواقعي الأوّلي.
وثانيهما : ما ثبت للشيء من حيث الجهل بحكمه الواقعي.
وعدّ الاستصحاب من الأحكام الظاهريّة جار على الإطلاق الأوّل ، فالأحكام الظاهريّة بهذا الإطلاق هي الاصول العمليّة ، ولذا قال المصنّف قدسسره : (ذكرناه في الاصول العمليّة المقرّرة للموضوعات بوصف كونها مشكوكة الحكم) وإن كان الفرق بينهما بحسب المفهوم واضحا.