بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعي بالضارّ ، ولكن لا يعلم أنّه مجرّد التغرير أو الضمان أو هما معا ، فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح.
ويردّ عليه : أنّه إن كانت قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل ، كان دليلا كسائر الأدلّة الاجتهاديّة الحاكمة على البراءة ، وإلّا فلا معنى للتوقف في الواقعة وترك العمل بالبراءة ، ومجرّد احتمال اندراج الواقعة في قاعدة الإتلاف أو الضرر لا يوجب رفع اليد عن الأصل ، والمعلوم تعلّقه بالضارّ في ما نحن فيه هو الإثم والتعزير إن كان متعمدا ، وإلّا فلا يعلم
____________________________________
المسلمين فوق حدّ الإحصاء ، بل المراد أنّه لا وجود للضرر بدون الجبران بالضمان ، فإعمال البراءة عن الضمان في الأمثلة المتقدّمة موجب لضرر المالك ، فينفى بقاعدة لا ضرر ، ومعها لا مجال للرجوع إلى الأصل أصلا.
وبالجملة ، إنّ احتمال شمول أدلّة الضمان للموارد المذكورة يمنع من الرجوع إلى البراءة ، فيكون عدم تضرّر شخص آخر بإعمال البراءة شرطا للرجوع إليها. هذا ملخّص كلام الفاضل التوني قدسسره في الوافية حيث يستفاد منه اعتبار عدم الضرر في البراءة.
هذا مضافا إلى أنّ العلم الإجمالي بتعلّق حكم شرعي بالضارّ في الأمثلة المذكورة يقتضي الاشتغال ، فيجب تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : (بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعي بالضارّ ... إلى آخره).
(ويردّ عليه : أنّه إن كانت قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل) ، بأن يكون كلّ من الإتلاف والإضرار موجبا للضمان وإن كان بالتسبيب إذا كان السبب قريبا كما في الأمثلة المذكورة (كان دليلا كسائر الأدلّة الاجتهاديّة الحاكمة على البراءة) وإن لم تكن قاعدة نفي الضرر معتبرة في مورد الأصل ، بأن يفرض كونها مجملة متيقّنة في موارد الإتلاف والإضرار بالمباشرة ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(وإلّا فلا معنى للتوقّف في الواقعة وترك العمل بالبراءة).
وذلك لأنّ مجرّد احتمال اندراج مورد الأمثلة المذكورة (في قاعدة الإتلاف أو الضرر لا يوجب رفع اليد عن الأصل) وإلّا لزم رفع اليد عنها في جميع موارد إجمال الدليل ، ولم يقل به أحد ، فلا يجوز رفع اليد عن البراءة إذن بمجرّد احتمال شمول دليل الإتلاف ونفي الضرر للمورد وإن كان احتمالا مساويا ، نعم ، على تقدير شمولها للأمثلة المذكورة ونحوها