وإن كان تكليفا غيريّا ، فهو كاشف عن كون متعلّقه جزء ؛ لأنّ الأمر الغيري إنّما يتعلّق بالمقدّمة ، وانتفاؤه بالنسبة إلى الغافل لا يدلّ على نفي جزئيّته في حقّه ، لأنّ الجزئيّة غير مسبّبة عنه ، بل هو مسبّب عنها.
ومن ذلك يعلم الفرق بين ما نحن فيه وبين ما ثبت اشتراطه من الحكم التكليفي ـ كلبس الحرير ـ فإنّ الشرطيّة مسبّبة عن التكليف ، عكس ما نحن فيه ، فينتفي بانتفائه.
والحاصل : إنّ الأمر الغيري بشيء ـ لكونه جزء ـ وإن انتفى في حقّ الغافل عنه من حيث انتفاء الأمر بالكلّ في حقّه ، إلّا أنّ الجزئيّة لا تنتفي بذلك.
____________________________________
وإن كان المراد من بقاء الإطلاق والغرض به إثبات البدليّة ، بأن يقال إنّ الإطلاق يقتضي جعل الناقص بدلا عن الكامل ، فيردّ عليه بأنّ الإطلاق لا يقتضي البدليّة أصلا ، كما لا يخفى.
وثانيهما : ما أشار إليه قدسسره بقوله : (إنّ التكليف المذكور إن كان تكليفا نفسيّا ... إلى آخره).
يعني : إنّ الأمر بالقراءة إن كان أمرا نفسيّا دلّ على كون القراءة من الواجبات في الدين كالحج والصوم مثلا ، فلا يدلّ على جزئيّة القراءة أصلا حتى يكون تقييدا لإطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بالنسبة إلى غير الغافل.
(وإن كان تكليفا غيريّا) ، بأن يدلّ على وجوب القراءة في الصلاة ، (فهو كاشف عن كون متعلّقه جزء ؛ لأنّ الأمر الغيري إنّما يتعلّق بالمقدّمة) إلّا أنّه لا يدلّ على انتفاء الجزئيّة عن الغافل ؛ لأنّ الغفلة مانعة عن تنجّز التكليف لا عن جزئيّة الجزء ؛ (لأنّ الجزئيّة غير مسبّبة عنه ، بل هو مسبّب عنها).
أي : أنّ الجزئيّة لم تكن تابعة للأمر حتى تنتفي بالنسبة إلى الغافل لانتفاء الأمر كما عرفت كرارا ، بل الأمر تابع لها ؛ لأنّ الآمر يلاحظ أمورا ثمّ يعتبرها شيئا واحدا ثمّ يأمر بها ، فتكون مرحلة الأمر متأخّرة وكاشفة عن اعتبار الجزئيّة.
(ومن ذلك يعلم الفرق بين ما نحن فيه وبين ما ثبت اشتراطه من الحكم التكليفي ... إلى آخره).
وحاصل الفرق بين الجزئيّة المستكشفة من التكليف الغيري وبين الشرطيّة المسبّبة من التكليف النفسي ، هو انتفاء الشرطيّة بانتفاء التكليف ، وعدم انتفاء الجزئيّة بانتفاء