بل تأمّل بعضهم في ناسي الموضوع ، لعدم ترخيص الشرعي من جهة الغفلة ، فافهم.
وممّا يؤيّد إرادة المشهور للوجه الأوّل دون الأخير أنّه يلزم حينئذ عدم العقاب في التكاليف الموقتة التي لا تتنجّز على المكلّف إلّا بعد دخول أوقاتها. فإذا فرض غفلة المكلّف عند الاستطاعة عن تكليف الحجّ ، والمفروض أنّ لا تكليف قبلها ، فلا سبب هنا لاستحقاق العقاب رأسا. أمّا حين الالتفات إلى امتثال تكليف الحجّ ، فلعدم التكليف به لفقد الاستطاعة ، وأمّا بعد الاستطاعة فلفقد الالتفات وحصول الغفلة ، وكذلك الصلاة والصيام بالنسبة إلى أوقاتها.
____________________________________
إلّا أن يقال بكفاية المبغوضيّة في بطلان العبادة ، وأنّها موجودة في الغافل لوجوب التعلّم ، لا في الناسي لعدم وجوب الحفظ بعد التعلّم ، كذا في شرح الاستاذ الاعتمادي.
(بل تأمّل بعضهم في ناسي الموضوع) ، أي : تأمّل في صحة عبادة ناسي الموضوع ـ أي : الغصبيّة ـ وذلك من جهة عدم وجود الترخيص فيه لعدم قابليته للخطاب أصلا ، كما عرفت غير مرة من أنّ الغافل غير قابل للخطاب ، نعم إنّ الشارع قد رخّص في جاهل الموضوع دون غافله.
(فافهم) لعلّه إشارة إلى كون غافل الموضوع مرخّصا بطريق أولى بعد كون جاهل الموضوع مرخّصا من الشارع ، وذلك لعدم تمكّن الغافل من الاحتياط مع تمكّن الجاهل منه ، نقلا عن شرح الاستاذ الاعتمادي بتصرّف.
والحقّ أنّه إشارة إلى كون ناسي الموضوع مرخّصا بطريق أولى بعد كون جاهل الموضوع مرخّصا من الشارع لكونه جاهلا حال النسيان.
(وممّا يؤيّد إرادة المشهور للوجه الأوّل دون الأخير أنّه يلزم حينئذ عدم العقاب في التكاليف الموقتة التي لا تتنجّز على المكلّف إلّا بعد دخول أوقاتها ... إلى آخره) ، ويمكن إرجاع التأييد المذكور إلى قياس استثنائي شرطي ، وبيان ذلك :
أنّه لو لم يرد المشهور تسوية العالم والغافل في توجّه الخطابات إليهما للزم عدم عقاب الغافل التارك للتكاليف الموقتة التي لا تتنجّز على المكلّف ، إلّا بعد دخول أوقاتها أو تحقّق شرائطها ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
والوجه لبطلان التالي هو عدم الخلاف في عقاب الغافل المقصّر التارك للتكاليف