عليهم ، تدلّ على مدخليّة تبليغ الحجّة وبيانه في طريق الحكم ، وأنّ كلّ حكم لم يعلم من طريق السماع عنهم عليهمالسلام ولو بالواسطة ، فهو غير واجب الاطاعة ، وحينئذ فلا تجدي مطابقة الحكم المدرك لما صدر عن الحجّة عليهالسلام.
لكن قد عرفت عدم دلالة الأخبار ، ومع تسليم ظهورها فهو ـ أيضا ـ من باب تعارض النقل الظنيّ مع العقل القطعيّ ، ولذلك لا فائدة مهمّة في هذه المسألة ، إذ بعد ما قطع العقل بحكم وقطع بعدم رضاء الله جلّ ذكره بمخالفته ، فلا يعقل ترك العمل بذلك ما دام هذا القطع باقيا ، فكلّ ما دلّ على خلاف ذلك فمؤوّل أو مطروح.
نعم ، الانصاف أنّ الركون إلى العقل فيما يتعلّق بإدراك مناطات الأحكام لينتقل منها إلى
____________________________________
ووجوب امتثالها :
الأول : صدورها عن الأئمّة عليهمالسلام.
والثاني : وصولها إلى المكلّفين بواسطة تبليغهم ، وسماع المكلّفين عنهم ولو بالواسطة ، كالسماع عن زرارة مثلا ، فلا يكفي في تنجّز الأحكام مجرد صدورها عنهم عليهمالسلام ، وحينئذ إذا لم تصل الأحكام بتوسّط الأئمّة إلى المكلّفين لا يجب امتثالها وإن ادركها العقل السليم ، لكن فيه :
أولا : قد عرفت عدم دلالة الأخبار على اعتبار السماع وإنّما تدل على عدم جواز الاستبداد بالعقول الظنية.
وثانيا : مع تسليم ظهورها في اعتبار السماع (فهو ـ أيضا ـ من باب تعارض النقل الظني مع العقل القطعي).
والمراد بالنقلي الظني : هو الأخبار المتقدّمة الدالة على لزوم توسّط تبليغ الحجّة في وجوب إطاعة حكم الله تعالى.
والمراد بالعقلي القطعي : هو العقل الدال على عدم توسّط تبليغ الحجّة في ذلك.
ومعلوم أن الدليل العقلي القطعي يتقدّم على الدليل النقلي الظني لدلالة الأخبار الكثيرة على حجّية العقل ، وتقدّم بعضها حيث دلّ على كونه حجّة باطنة ، أو على أنّه ممّا يعبد به الرحمن ويكتسب به الجنان ، فلا بدّ من تأويل هذه الأخبار بما ذكره المصنّف رحمهالله من أن المقصود منها هو عدم جواز الاستبداد بالأحكام الشرعية بالعقول الناقصة الظنية.