بوجود دليل ظنّي معتبر بحيث لو نقل إلينا لاعتقدناه تامّا من جهة الدلالة وفقد المعارض ، كان هذا المقدار ـ أيضا ـ كافيا في إثبات المسألة الفقهيّة.
بل قد تكون نفس الفتاوى التي نقلها الناقل للإجماع إجمالا مستلزمة لوجود دليل معتبر ، فيستقل الإجماع المنقول بالحجّية بعد إثبات حجّية خبر العادل في المحسوسات ، إلّا إذا منعنا ـ كما تقدّم سابقا ـ عن استلزام اتّفاق أرباب الفتاوى عادة لوجود دليل لو نقل إلينا لوجدناه تامّا ، وإن كان قد يحصل العلم بذلك من ذلك ، إلّا أنّ ذلك شيء قد يتفق ولا يوجب ثبوت الملازمة العادّية التي هي المناط في الانتقال من المخبر به إليه ، ألا ترى أنّ إخبار عشرة بشيء قد يوجب العلم به ، لكن لا ملازمة عادية بينهما ، بخلاف إخبار ألف عادل محتاط في الإخبار؟.
وبالجملة : يوجد في الخبر مرتبة تستلزم عادة تحقّق المخبر به ، لكن ما يوجب العلم أحيانا قد لا يوجبه ، وفي الحقيقة ليس هو نفسه الموجب في مقام حصول العلم وإلّا لم يتخلّف.
____________________________________
أو بلفظ الإطباق ، أو غيرهما.
ففي جميع الصور يأخذ المنقول إليه المقدار الذي يحتمل استناد الناقل فيه إلى الحسّ والتتبع ، وينضمّ إليه ما يحصّله ، فإذا أصبح المجموع مستلزما عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام كان حجّة ، وإلّا فلا.
ثم المجموع لو لم يكن مستلزما لموافقة الإمام عليهالسلام (لكن حصل منه) ، أي : المجموع (القطع بوجود دليل ظنّى معتبر) كان حجّة وكافيا في إثبات الحكم ، (بل قد تكون نفس الفتاوى التي نقلها الناقل للإجماع إجمالا مستلزمة لوجود دليل معتبر).
ويمكن فرض ذلك فيما إذا كان ناقل الإجماع من أعلم الفقهاء وكثير الاطّلاع بأقوال العلماء في جميع الأعصار(فيستقل الإجماع المنقول) من هذا الناقل (بالحجّية) ؛ لأن هذا الإجماع يكون كاشفا عن وجود دليل معتبر.
(إلّا إذا منعنا ـ كما تقدم سابقا ـ عن استلزام اتفاق أرباب الفتاوى عادة لوجود دليل) إنّ استناد الناقل إلى الحسّ في تحصيل اتفاق أصحاب الفتاوى المعروفة كما لا يلازم عادة موافقة قول الإمام والحكم الواقعي ـ كذلك ـ لا يلازم موافقة دليل ظنّي معتبر والحكم الظاهري ، فلا يكون نقل هذه الفتاوى حجّة.