ينافي دعوى القطع
بصدور الكل أو دعوى الظن بصدور جميعها ، ولا ينافي ذلك دعوى العلم الاجمالي بصدور
أكثر الأخبار أو كثير منها خصوصا بعد تهذيب الأخبار ، وعليه فدعوى العلم الاجمالي
المذكور دعوى بديهية. فاذا ثبت العلم الاجمالي بوجود الاخبار الصادرة فيجب بحكم
العقل الاحتياط بالعمل بكل خبر مع عدم المعارض والعمل بمظنون الصدور أو مظنون
المطابقة للواقع مع وجود المعارض.
ثم عدل الشيخ عما
اعتمد عليه سابقا وأجاب عن ذلك بوجوه : أحسنها أنّ مقتضى هذا الدليل وجوب العمل
بالخبر المقتضي للتكليف ؛ لانه الذي يجب العمل به. وأمّا الأخبار الصادرة النافية
للتكليف فلا يجب العمل بها. نعم يجب الاذعان بمضمونها وإن لم تعرف بعينها. وكذلك لا
يثبت به حجية الأخبار على وجه ينهض لصرف ظواهر الكتاب والسنة القطعية.
والحاصل : أن معنى
حجية الخبر كونه دليلا متّبعا في مخالفة الأصول العملية والاصول اللفظية مطلقا ،
وهذا المعنى لا يثبت بالدليل المذكور كما لا يثبت باكثر ما سيأتي من الوجوه
العقلية بل كلها ، فانتظر.
ولا يخفى عليك أن
التحقيق كما ذهب اليه في مصباح الاصول هو التفصيل في الأصول اللفظية بين ما اذا
كان مفاد العام أو المطلق حكما الزاميا ومفاد الخبر غير الزامي وبين عكسه ، فان في
الأول يحكم بتعين العمل بالعام أو المطلق وعدم جواز العمل بالخاص ؛ إذ لا أثر
للعلم الاجمالي فيما اذا لم يكن متعلقا بحكم الزامي ، وعليه فيجب الأخذ بالعموم أو
المطلق.
لا يقال : أن
العلم الاجمالي بورود التخصيص في بعض العمومات يوجب سقوط اصالة العموم أو الاطلاق
عن الحجية.
__________________