انذار الفقيه بما هو فقيه ، فلا يشمل انذار الراوي بما هو راو ، فيختص مفاد الآية بحجية فتوى الفقيه للعامي لا حجية خبر العادل ، ولا مجال للتمسك بعدم القول بالفصل في المقام مع وجود القول بالفصل بين حجيتهما كما لا يخفى.
مندفعة : بان المراد من عنوان التفقه في المقام ليس هو عنوان التفقه الاصطلاحي ، بل المراد هو التفقه بمعناه اللغوي ، وهو الفهم والعلم ، وهو معلوم الحصول باستماع الروايات مع المعرفة بمفادها وأن كانت المعرفة مشككة وتختلف الرواة فيها بحسب اختلاف استعداداتهم ، فاذا كان اخبار العادل في المنذرات حجة يتعدى منها الى غيرها بالغاء الخصوصية.
لا يقال : ليس المقصود أن الآية اخص من المدعى ، بل المقصود انّها أجنبية عنه ؛ لانها حتى في الراوي المستبصر تدل الآية على حجية رأيه ودرايته لا شهادته وروايته ، فلا معنى للتعدي في حقه ، فما ظنك بغيره؟! إذ الآية غير ناظرة الى مسألة الإخبار وحجيته ، بل تنظر الى مسألة اخرى وهي لزوم وجود طائفة بين الامة تتحمل مسئولية الجهاد العقائدي والفكري في سبيل الله عن طريق التفقه في الدين وحمله الى الاطراف والاجيال. وهذه المسألة اجنبية عن حجية خبر الواحد المبحوث عنه في علم الاصول. (١)
لأنا نقول : أوّلا : أن المراد من التفقه هو التفقه اللغوي لا الاصطلاحي ، وحمله على صاحب الرأي والدراية لا شاهد له. ومن المعلوم أن المتفقه اللغوي يصدق على الراوي ومن اخبر بما سمع من شيء وعرفه ونقله.
وثانيا : أن مسئولية الجهاد الفكري لا تختص بتحمل العقائد والمعارف ، بل تشمل تحمل الاخبار وايصالها ، فبذلك يشمل مسألتنا ، وهو حجية خبر الواحد المبحوث عنه في علم الاصول ، فلا تغفل.
ومما ذكر ينقدح الجواب عما وقع فيه السيد المحقق البروجردي قدسسره من الاشكال وهو أن حيثية التحديث غير حيثية الفقاهة ، وكانت الحيثيتان منفكتين بحسب الخارج ايضا ، فقد
__________________
(١) مباحث الحجج والاصول : ج ١ ص ٣٨١.