هو النبأ الخاص المضاف الى الفاسق ، وإلّا فمع فرض تجريده عن تلك الخصوصية لا يبقى مجال للاشكال المزبور. (١)
ولقد أفاد واجاد ، ولكنه لم يفد وجه تجريد الموضوع عن الخصوصيات وجعله موضوعا في القضية بنحو يكون موجودا ولو مع عدم الشرط. وقد عرفت الوجه في ذلك ؛ فانه حصيلة كون القضايا قضايا قانونية لا شخصية خارجية وكون الموضوعات مما له أحكام عديدة كالنبإ والسلام ونحوهما ، فاذا ورد عن الشارع مثل (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) يستظهر منه عرفا أن الشارع في مقام بيان أحكام طبيعي النبأ ؛ لانه مما يبتني عليه أمور المجتمع الاسلامي. هذا يوجب تجريد الموضوع عن الخصوصيات الدالة عليه الشرط وجعله موضوعا للقضية الحقيقة ، ويكون الشرط المذكور حكم حصة من حصص موضوع القضية الحقيقية. ولعل جعل الشرط (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) دون «أن جاءكم عادل» من جهة اهمية بيان حكم هذه الحصة في ذلك الزمان ؛ لما حكي من قصة الوليد.
وبالجملة أمثال هذه القضايا ترجع عند العرف الى تجريد الموضوع وجعله موضوعا للقضية الحقيقية ، ولا فرق فيها بين أن يقال أن جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا أو يقال أن جاءكم عادل بنبإ فلا يجب التبين بل يجب القبول ، ففي كلا التقديرين يكون الموضوع مجردا عن خصوصيات متلو الشرط والشرط في مقام بيان حصة من الموضوع ، وحينئذ يكون له مفهوم ، كما لا يخفى.
فالوجه في تجريد الموضوع هو حكم العرف بأن الموضوع اعم ، ولا يختص بالخصوصيات المذكورة في متلو الشرط ، وإلّا فالاحتمالات المذكورة يمكن تصويرها في بعض القضايا المحققة للموضوع أيضا كقوله أن رزقت ولدا فاختنه حيث يمكن أن يجعل الموضوع هو الولد ويقال أن رزقت به فاختنه ، فمفهومه أن لم ترزقه فلا يجب عليك ختانه سواء وجد الولد أو لم يوجد ، كما أن تقيد الموضوع في بعض القضايا أمر ممكن. ودعوى
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ٣ ، ص ١١١ ـ ١٢٢.