وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره ثمّ انصرف عنه ، ولم يكلّمه محمّد ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ.
فاحتمل حمزة الغضب ... فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به. فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه ، حتّى اذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجّه شجّة منكرة ثمّ قال : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ، فردّ ذلك عليّ إن استطعت! فقامت رجال من بني مخزوم الى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فإنّي والله قد سببت ابن أخيه سبّا قبيحا.
فلمّا أسلم حمزة عرفت قريش أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قد عزّ وامتنع ، وأنّ حمزة سيمنعه ، فكفّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه (١).
وزاد المقدسي يقول : «عزّ به النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأهل الإسلام ، فشقّ ذلك على المشركين فعدلوا عن المنابذة الى المعاتبة ، وأقبلوا يرغّبونه في المال والأنعام ، ويعرضون عليه الازواج» (٢).
أمّا اسلام عثمان : فقد قال ابن اسحاق : بلغني أنّه أسلم بعد أبي بكر (٣). وروى ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» عن المدائني عن عمر بن عثمان عن أبيه : أنّه دخل على خالته أروى بنت عبد المطّلب ، فدخل رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ فجعل ينظر إليه وقد ظهر شأنه ، فجرى له معه حديث وقرأ عليه بعض الآيات ثمّ قام فخرج. قال عثمان : فخرجت خلفه فأدركته وأسلمت (٤).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٣١١ ، ٣١٢.
(٢) البدء والتأريخ ٤ : ١٤٨ ، ١٤٩ و ٥ : ٩٨.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٢٦٧.
(٤) الاستيعاب ٤ : ٢٢٥.