وذلك نور النبوة والحكمة ، ثمّ أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا. ثمّ قام الثالث ... فأمرّ يده ما بين مفرق صدري الى منتهى عانتي فالتأم ذلك الشقّ بإذن الله ، ثمّ أخذ بيدي فأنهضني (١).
فنرى رواية الطبري هذه عن شداد بن أوس تختلف عن رواية ابن اسحاق في : المكان الّذي جرى فيه الحادث ، وفي : عدد الأشخاص الّذين جاءوه ، وفي : الكيفية الّتي وقع عليها ، الى غير ذلك ممّا اشتملت عليه رواية الطبري من الخصوصيات التفصيلية الّتي لم تتفق معها رواية ابن اسحاق ، مع أن كلتيهما تمرّان بثور بن يزيد الكلاعي الشامي المتوفى في ١٥٥ كما في كتب الرجال ومنها «تهذيب التهذيب» ، ولذلك نرى ابن اسحاق يسحق موارد الخلاف في هذا الخبر باختصاره للتفصيلات الواردة فيه ، وبالتصرف في عدد الملائكة ، فبينما نجد خبر ثور بن يزيد عن شدّاد بن أوس يذكر عدد الملائكة الحاضرين للقيام بالعملية على رسول الله : ثلاثة ، نجد ابن اسحاق قد أعاد العدد الى اثنين كي يتوافق العدد فيه مع ما في خبر الجهم عن عبد الله بن جعفر.
وكذلك في عدد من معه ، فبينما نجد خبر ثور عن شداد يذكر «مع أتراب لي من الصبيان» نرى ابن اسحاق قد أعاد العدد الى فرد بنفس النسبة الّتي في خبر الجهم عن ابن جعفر «مع أخ لي» ، وكذلك بالتصرف في المكان الّذي جرى فيه الحادث ، فبينما نجد خبر ثور عن شداد يذكر مكان الحادث «منتبذ من أهلي في بطن واد» نرى ابن اسحاق قد أعاده الى «خلف بيوتنا».
وكذلك بالتصرف في حال الرسول حينئذ : فبينما نرى خبر ثور عن شدّاد يذكر «نتقاذف بالجلة» نرى ابن اسحاق قد أبى على النبي اللعب بالجلة ولو في صغره
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٦٠ ـ ١٦٢.