نعم ، هناك فرق بين المخصّص المتّصل كما في الاستثناء فإنّه يرفع الظهور في العموم حقيقة ، وأمّا ما كان بدليل منفصل فلا يرفع الظهور في العموم وإن رفع المراد الجدّي إلّا أنّه لا فرق بينهما في أنّهما يقتضيان تعنون موضوعهما الواقعي وهو العامّ بغير عنوان الخاصّ.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ ما ذكره بعض الأساطين : من كون التخصيص لا يقتضي تعنون العامّ وأنّه نظير موت فرد من أفراد العلماء لا يقتضي أن يتعنون العامّ بما عداه لخروجه عن الموضوع ، ليس بجيّد ؛ لأنّ الكلام في القضايا الحقيقيّة وليس الوجود الخارجي هو الملحوظ فيها ، وإنّما الملحوظ في القضايا الحقيقيّة المواضيع المقدّر وجودها من غير نظر إلى الوجود الخارجي وعدمه.
المقدّمة الثانية : أنّ الموضوع المركّب قد يتركّب من جوهرين أو من عرضين أو من جوهر وعرض لغير ذلك الجوهر ، وفي هذه الصور يمكن إحراز أحد جزأي ذلك الموضوع المركّب بالوجدان والآخر بالأصل.
فإذا كان الموضوع مركّبا من جوهرين كوجود زيد ووجود عمر وزيد محرز الوجود وجدانا لكن عمرا كان موجودا ويشكّ في بقائه موجودا فحينئذ باستصحاب وجوده يكمل موضوع الحكم.
وكذا إذا كانا عرضين كما في الاجتهاد والعدالة اللذين هما موضوع جواز التقليد فيحرز أحدهما بالوجدان والآخر بالأصل. وكذا إذا كان الموضوع مركّبا من جوهر وعرض لغير ذلك الجوهر كما إذا كان الموضوع وجود زيد وموت عمرو في الإرث مثلا فيحرز الموت بالوجدان ووجود زيد بالأصل. ففي جميع هذه الموارد يمكن إحراز ذلك الموضوع بعضا بالوجدان وبعضا بالأصل ، كما يحرز كلا جزئيه بالوجدان فقط أو بالأصل فقط ؛ لأنّ الجوهرين والعرضين والجوهر مع عرض الآخر ليس بينهما ارتباط واتّصاف. فأخذهما في الموضوع إنّما يكون بصرف تحقّق وجودهما ، وأخذ عنوان بسيط منتزع عن اجتماعهما مثل عنوان المقارنة والاجتماع