الحدوث ، وإلّا لزم اجتماع المثلين وهو محال ، فإذا ارتفع الظهور فالمرجع هو الأصل العملي وهو وحدة التكليف لأصالة البراءة.
والجواب : أنّ صرف الوجود لا تدلّ عليه المادّة لعدم دلالتها على أزيد من الطبيعة ، ولا تدلّ عليه الهيئة لعدم دلالتها على أزيد من الطلب كما ذكره القوم. وعلى اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف على ما ذكرناه فصرف الوجود غير مدلول لمادّة الجملة الإنشائيّة ولا لهيئتها ، والاكتفاء بالوجود الأوّل من جهة انطباق الطبيعة على أوّل الوجودات ، فافهم.
وحينئذ فلا مانع من أن يعتبر المولى في ذمّة المكلّف الطبيعة مرّتين ويكون مقتضى اعتبارها مرّتين أن يأتي بها المكلّف مرّتين من غير تعيين للأوّل ولا للثاني ، وإنّما يأتي بالطبيعة مرّتين نظير من استقرض من شخص خمسة دراهم ثمّ أتلف له شيئا قيمته خمسة دراهم فقد شغلت ذمّته بخمسة دراهم مرّتين فإذا أدّى خمسة دراهم بقيت عليه خمسة اخرى من غير تعيين لها أنّها للقرض أو للإتلاف لعدم التمييز في الواقع أصلا.
ثمّ إنّه ذكر الميرزا النائيني قدسسره أنّه على تقدير التنزل وتسليم أنّ صرف الوجود مدلول للجملة فإنّه من باب عدم البيان فظهورها في التكرار يكون بيانا (١) ، ولا يخفى ما في هذا التنزّل ، فإنّ الصحيح هو الأوّل ، يعني إنكار دلالة الجملة على صرف الوجود وبه يرتفع المحذور ، وهذا الذي ذكرناه هو توضيح كلام العلّامة قدسسره فراجع.
ثمّ إنّ هذا الكلام كلّه كان في بيان أنّ التكليف واحد أم متعدّد ، وقد ظهر أنّ مقتضى الأصل العملي هو وحدة التكليف ؛ لأصالة البراءة ممّا زاد على المتيقّن.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.