والجواب : أنّ قاعدة الامتناع بالاختيار المراد بها امتناع امتثال التكليف ، فقد يكون التكليف وجوبيّا فالامتناع بامتناع الفعل ، وقد يكون تحريميّا فالامتناع بامتناع الترك ، ومقامنا من الثاني ، والبقاء والدخول أزيد من هذا المقدار ممنوع منه شرعا ، والممنوع شرعا كالممتنع عقلا فقد امتنع عليه غير الخروج ، فإذا كان مبغوضا بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار فقد امتنع عليه ترك الخروج لكنّه باختياره الدخول وهو لا ينافي الاختيار عقابا وإن نافاه خطابا. نعم في مثال الحجّ الامتناع تكويني وهو هنا تشريعي بالمنع شرعا عن الخروج كالبقاء والدخول أكثر ممّا هو داخل ، وهذا الفرق لا يمنع من جريان القاعدة.
الثاني من الوجوه التي ذكرها الميرزا النائيني قدسسره لبيان أنّ المقام ليس من صغريات قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار : أنّ مورد القاعدة هو حيث يكون العمل والتكليف ممتنعين وليس الخروج في المقام ممتنعا ؛ ولذا وجب عقلا باعترافكم ، وإذا وجب عقلا ففيه قابليّة الوجوب الشرعي لاعتبار القدرة في التكليف العقلي كالشرعي (١).
والجواب : أنّ ما كلّف به في المقام هو ترك الخروج لا الخروج نفسه وهو غير قابل للنهي عنه عقلا ولا شرعا بعد النهي عن المكث والدخول أزيد ممّا دخل ، وهذا خلط بين كون الواجب المكلّف به هو الخروج أو تركه ، وحينئذ فترك الخروج لا يمكن التكليف به فهو ممتنع شرعا ولكن باختياره الدخول ، ولا مقتضي للتكليف الوجوبي بالخروج وإن كان ممكنا فإنّ تحريم الضدّ وإيجاب ضدّه لا مانع منه ، فليس الخروج محكوما بحكم أصلا ولكن بما أنّ الامتناع بالاختيار وهو لا ينافي العقاب نقول بأنّه معاقب عليه.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٩٦ ، وفوائد الاصول ١ و ٢ : ٤٥٢.