وحينئذ ففي المقام لو ترك الذهاب إلى السوق المنجّز عليه ، إمّا لكونه واجبا نفسيّا وإمّا لكونه مقدّمة لواجب نفسي واصل بمقدّمته بم يعتذر عند المولى في مقام عقابه؟ وهذا بخلاف الشقّ الأوّل فإنّه يعتذر بأنّه على تقدير الغيريّة غير واجب قطعا ؛ لكونه غير واجب من غير جهة ترك المقدّمة فهو متروك من غير جهتها ولكن في المقام على تقدير الوجوب الغيري فمن جهة المقدّمة يكون ذلك الواجب واصلا ، فيجب سدّ باب العدم من هذه الجهة.
توضيح ما ذكرنا هو : أنّ العلم الإجمالي بوجوب نفسي أو غيري للذهاب إلى السوق منجّز ، فأصالة عدم النفسيّة معارضة بأصالة عدم الغيريّة ، فإن جرى الأصلان وتساقطا فاللازم الاحتياط ، وإن لم تجر حينئذ لوجود قدر متيقّن ، وهو أنّ ترك الذهاب إلى السوق محرّم إمّا لنفسه أو لتفويت الواجب الثاني الواصل بهذا المقدار ، فلا بدّ من الإتيان به ؛ لأنّه متيقّن كما يأتي نظيره في الأقلّ والأكثر. وإلى هذه الصورة ينظر الميرزا النائيني قدسسره وكلامه متين فيها.
وثالثة : يحرز وجوبهما معا ويشكّ في كون أحدهما مقدّمة للآخر. أم لا ، كما إذا علمنا بواجبين ودار أمرهما بين كونهما نفسيّين أو أحدهما غيريّ والآخر نفسيّ ، وهذا على صورتين أيضا.
فإنّهما تارة : يكونان مطلقين أو مشروطين بشيء معا على كلا التقديرين ، كما إذا قال المولى : إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة ، ودار الأمر بين كونهما واجبين نفسيّين أو أن تكون الطهارة مقدّمة للصلاة مع اشتراطهما معا بدخول الوقت ، وفي مثل هذا ذهب الميرزا النائيني قدسسره (١) إلى البراءة من التقيّد أي تقيّد الصلاة بالطهارة ، فحكم بصحّة الصلاة وإن ترك الطهارة وعوقب عليها خاصّة ؛ لأصالة عدم الشرطيّة.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.