ومآله من ذاته لا يكون موجودا ولا موجدا لغيره ، فمع انحصار الموجودات الخارجيّة في الممكن لا يكون لها وجود ولا لغيرها عنها وجود ؛ لأنّ وجودها إنّما هو من السبب المغاير لها ، وقد فرض عدم السبب.
وأمّا بطلان اللازم فضروريّ ، فثبت وجود واجب الوجود لذاته ، وهو المطلوب.
ولشيخنا الإمام العلّامة القاشيّ ١ ـ قدسسره ـ تقرير حسن لهذه الطريقة ، وبيانه يتمّ بتقرير مقدّمتين : إحداهما : تصوّريّة ، والاخرى : تصديقيّة.
أمّا الأولى : فهي أنّ مرادنا بالموجب التامّ ، هو الكافي في وجود أثره ، أي لا يحتاج في إيجاد الأثر إلى أمر خارج عن ذاته.
وأمّا الثانية أعني التصديقيّة : فهي أنّ الممكن لا يجوز أن يكون موجبا تامّا لشيء ؛ لأنّ موجبيّته تتوقّف على موجوديّته ، وموجوديّته تتوقّف على الغير ، فموجبيّته تتوقّف على الغير.
أمّا الصغرى ـ وهو توقّف موجبيّته على موجوديّته ـ فضروريّة ؛ لاستحالة كون المعدوم موجبا لغيره.
وأمّا الكبرى ـ وهو توقّف موجوديّة الممكن على غيره ـ فظاهر ؛ إذا الممكن بحسب ذاته لا يقتضي شيئا من الطرفين أي الوجود والعدم ، بل كلّ منهما بالغير ، فإذا تمهّدت هاتان المقدّمتان نقول :
هنا موجود قطعا ، فإن كان واجبا ثبت المطلوب ، وإن كان ممكنا يحتاج إلى موجب تامّ ، ولا جائز أن يكون موجبه ممكنا لما قلنا في المقدّمة الثانيّة ، فيكون موجبه واجبا وهو المطلوب.
وعلى هذا نقض إجماليّ ، تقريره أنّ الأفعال الاختياريّة كالقيام والقعود والأكل والشرب وغيرها من الأفعال الإراديّة فاعلها هذا الشخص الممكن قطعا ، وهو ضروريّ
__________________
١ ـ هو نصير الدّين ، علي بن محمّد بن علي القاشيّ ، العالم المدقّق الفهّامة ، من أجلّة متأخّري متكلّمي أصحابنا وكبار فقهائهم. كان مولده بكاشان ، وقد نشأ بالحلّة ، كان معاصرا للعلّامة في أواخر عمره ، ولابنه ولقطب الدين الرازيّ. له حاشية على شرح التجريد للأصفهانيّ ، وعلى شرح الشمسيّة للرازيّ. أثنى عليه الشهيد وحكى عنه بعض المطالب ، وروى عنه ابن معيّة وبالغ في مدحه. مقابس الأنوار : ١٣ ، مستدرك الوسائل ٣ : ٤٤٢.