الأوّل : معرفة نعمه.
الثاني : الفرح بما يصل إليه منها.
الثالث : الاجتهاد في تحصيل رضا المنعم بقدر الاستطاعة. وإنّما يكون ذلك بمحبّته في باطنه وثنائه وتعظيمه على وجه يليق بكبريائه ، واجتهاده بما ينبغي من المكافأة لخدمته واعترافه بالعجز.
الرابعة : في ما يقارن السالك ، وهو امور :
الأوّل : الإرادة. وهي مشروطة بثلاثة أشياء : الشعور بالمراد ، والشعور بالكمال الذي يحصل به ، وعينيّة المراد. فإن كان المراد من الامور التي يمكن حصولها من السالك وانضمّت القدرة إلى الإرادة حصل المراد. وإن كان من الامور الموجودة الغائيّة فبسببها وصل إلى المراد ، وإن كان في وصوله توقّف اقتضت الإرادة حالة في المريد تسمّى شوقا.
ثمّ الإرادة إنّما تكون مقارنة للسلوك باعتبار ، ومقتضية له باعتبار آخر ؛ فإنّ طلب الكمال نوع من الإرادة ، وإذا انقطعت الإرادة بسبب الوصول أو العلم بامتناعه انقطع السلوك. والإرادة المقارنة للسلوك تختصّ بأهل النقصان ، وأمّا أهل الكمال فإرادتهم عين المراد. ومن وصل في السلوك إلى درجة الرضا انتفت إرادته ، ومن هنا قال بعضهم : لو قيل لي : ما تريد؟ قلت : اريد أن لا اريد.
الثاني : الشّوق. وهو حالة تلزم فرط الإرادة ممزوجة بألم الفراق ، وفي حال السلوك بعد اشتداد الإرادة يصير ضروريّا. ويجوز حصوله قبل السلوك إذا حصل الشعور بكمال المطلوب وانضمّت إليه القدرة ، ويقتضي الصبر على المفارقة. والسالك كلّما أمعن في الترقّي ازداد شوقه وقلّ صبره ، إلى أن يصل إلى مطلوبه ، فيخلص له اللذّة بنيل الكمال عن شائبة الألم ، فينتفي الشوق.
الثالث : المحبّة. وهي الابتهاج بحصول كمال أو تخيّل وصول كمال مظنون أو محقّق ثابت في المشعور به. وبوجه آخر هي ميل النفس إلى ما في المشعور به من كمال أو لذّة. ولمّا كانت اللذّة إدراك الملائم ـ أعني : نيل الكمال ـ لم تخل المحبّة من لذّة أو تخيّل لذّة. وهي قابلة للشدّة والضعف ، وأوّل مراتبها الإرادة ، فإنّها محبّة أيضا ثمّ يقارنها