مأدوما» (١). وقال عليهالسلام أيضا : «ما لعليّ ونعيم يفنى ولذّة لا تبقى» (٢).
الثالث : الفقر. وليس المراد به عدم المال ، بل عدم الرغبة في المقتنيات الدنيويّة ، لا للعجز عنها ولا للغفلة والبلاهة بل تكبّرا وتنزّها عنها. وبالجملة هو شعبة من الزهد المتقدّم وغير بعيد أن يكون قوله عليهالسلام : «الفقر فخري ، وبه أفتخر» (٣). إشارة إلى هذا المعنى.
الرابع : الرياضة. والمراد بها منع النفس عن المطلوب من الحركات المضطربة ، وجعلها بحيث تصير طاعتها لمولاها ملكة لها. ويراد بها هنا منع النفس الحيوانيّة عن مطاوعة الشهوة والغضب وما يتعلّق بهما ، ومنع النفس الناطقة عن متابعة القوى الحيوانيّة من رذائل الأخلاق والأعمال ، كالحرص على جمع المال واقتناء الجاه وتوابعهما من الحيلة والمكر والخديعة والغلبة والغضب والحقد والحسد والفجور والانهماك في الشرور وغيرها ، وجعل طاعة النفس للعقل العمليّ ملكة لها على وجه يوصلها إلى كمالها الممكن.
ثمّ اعلم أنّ النفس إذا تابعت القوّة الشهويّة سمّيت بهيمة ، وإذا تابعت القوّة الغضبيّة سمّيت سبعيّة ، وإن جعلت رذائل الأخلاق ملكة لها سمّيت شيطانيّة. وسمّى الله تعالى هذه الجملة في التنزيل نفسا أمّارة (٤) ، أي أمّارة بالسوء إن كانت رذائلها ثابتة. وإن لم تكن ثابتة بل تكون مائلة إلى الشرّ تارة وإلى الخير أخرى وتندم على الشرّ وتلوم عليه سمّاها لوّامة (٥). وإن كانت منقادة للعقل العمليّ سمّاها مطمئنّة (٦). والمعين على هذه المتابعات هو قطع العلائق البدنيّة ، كما قال بعضهم نظما :
إذا شئت أن تحيى فمت عن علائق |
|
من الحسّ خمس ، ثمّ عن مدركاتها |
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ٤١٩ / الكتاب ٤٥.
٢ ـ نهج البلاغة : ٣٤٧ / الكلام ٢٢٤.
٣ ـ بحار الأنوار ٧٢ : ٥٥ ، سفينة البحار ٢ : ٣٧٨.
٤ ـ يوسف / ٥٣.
٥ ـ القيامة / ٢.
٦ ـ الفجر / ٢٧.